8 - [7] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيْمَانِ: . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حقه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يذكر النفس في هذا الحديث كما ذكر في الدعاء المأثور: (اللهم اجعل حبَّك أحبَّ إليّ من نفسي ومالي وولدي)؛ لأن في محبة الوالد والولد شيء من مدخلية الاختيار بخلاف النفس.
هذا وقد يفهم مما ورد: (ومن الماء البارد) إلى العطشان (?) أنه قد تسري المحبة إلى الطبيعة، ويضطر المحب في محبة المحبوب بحيث لا يبقى له اختيار بحسب الظاهر، كما في محبة العطشان الماء البارد، ولعل حصول هذه المرتبة بالاستدامة والاستقامة على رعاية حقوق المحبة الاختيارية حتى يصير عادة قريبة من الجبلة، وهذا أكمل مراتب الإيمان، والكلام في الإيمان الكامل، وللكمال مراتب، بعضها أعلى بالنسبة إلى بعض.
اعلم أن منشأ المحبة وسببها إما الحسن أو الإحسان، أما الإحسان فإن الإنسان مجبول على محبة من أحسن إليه، وأما الحسن فلأنه قد يكون في رجل حسن يحبه الناس، وإن لم يصل إحسان منه إليهم، كمن سمع رجلًا في أقصى ديار المغرب موصوفًا بالفضائل الصورية والمعنوية، يحبه السامع وتنجذب نفسه إليه، وإن لم يكن وصول أثرها إليه، وهذان الوصفان ينحصران في النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي الحقيقة هما مقصوران على اللَّه تعالى، فإن الخير كله بيديه، وحاصلان فيه -صلى اللَّه عليه وسلم- منه جل وعلا، وبهذا الوجه يمكن أن تسند الأحبية إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو إلى اللَّه عز وجل أو إليهما، فافهم.
8 - [7] (عنه) وقوله: (ثلاث من كن فيه. . . إلخ): (ثلاث) بتقدير: خصال ثلاث، مبتدأ، والشرطية خبره. وقوله: (من كان) بتقدير: خصال من كان، بدل أو