. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بتشديد الصاد، وهو في معنى ما رواه أبو عبيد، وأصله المتصدق فقلبت التاء صادًا فأدغمت، وبه ورد التنزيل: {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} [الأحزاب: 35]، وقلّ من تابع أبا عبيد في روايته، وقد وجدت أبا جعفر الطحاوي يختار رواية أبي عبيد وينصرها ويقول: هو عندي كما قال أبو عبيد؛ لأنه إن كان زيادة على الذي وجب عليه كان حرامًا على العامل أخذه لما فيه من الزيادة على الواجب، وإن كان دونه كان حرامًا عليه أن يأخذه بما عليه، وإن كان مثله في القيمة فهو خلاف النوع الذي أمر بأخذه لوجوبه على رب المال، فحرام عليه أخذه من غير طيب نفس من صاحبه، فعلم أنه لم يرد به العامل، وإنما أراد به رب المال؛ لأن له أن يعطي فوق ما عليه أو مثل ما عليه من نوع آخر.
قلت: ولعل الذي يأخذ بهذا القول يجعل الاستثناء مختصًا بقوله: (ولا تيس)؛ لأن رب المال ليس له أن يخرج من صدقته ذات عوار، وأما التيس فإنه وإن كان غير مرغوب فيه لنتنه وفساد لحمه، فإنه ربما زاد على خيار الغنم في القيمة لطلب الفحولة، ويشهد لهذا التأويل ما ورد في بعض طرق هذا الحديث: (ولا تيس الغنم) أي: الفحل الذي يضربها، والذي ذكرناه من كلام أبي جعفر وإن كان صحيحًا فإن الرواية التي ذهب إليها الجمهور لم تخل أيضًا من محمل صحيح، وهو أن يقول: جعل الأمر في ذلك إلى العامل إذا كان على وجه النظر ورعاية المصلحة؛ لأنه أبعد من التهمة، أو هو يسعى لغيره، ورب المال يسعى لنفسه، وهذا كلام التُّورِبِشْتِي (?)، وذكره الطيبي (?) مختصرًا، وقال: ويحتمل تخصيص ذلك بما إذا كانت المواشي كلها معيبة. وزاد عليه توجيهًا