قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدين ومداره أراد أن يكشف عن معنى الإحسان الذي به كمال الدين، وتمامه يرجع إلى الصدق في الإخلاص الذي لا يصح ولا يتم الإيمان والعمل إلا به، وقد كثر في الآيات والأحاديث ذكره؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، وقوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [البقرة: 112]، وقوله تعالى: {ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} [المائدة: 93]، وأمثالها.
وهو إفعال من الحسن، ويستعمل على وجهين: أحدهما: إحسان العمل وإتيانه على وجه الإكمال والإتقان؛ كقولهم: أحسنت كذا وفي كذا، ومنه (إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة. . .) الحديث (?)، وثانيهما: بمعنى الإنعام على الغير؛ كقولهم: أحسنت إلى فلان: إذا فعلت معه ما يحسن فعله، والمراد ههنا الأول؛ إذ حاصله راجع إلى إتقان العبادات وإتيانها على الوجه الأكمل.
وقال الطيبي (?): يجوز أن يحمل الإحسان ههنا أيضًا على الإنعام، وذلك أن العامل المرائي يبطل عمله ويحبط فيظلم على نفسه، فقيل له: أحسن إلى نفسك ولا تشرك باللَّه، واعبد اللَّه كأنك تراه، وإلا فهلكت، انتهى. ولا يخلو هذا عن تكلف.
وقوله: (أن تعبد اللَّه) عبد: أطاع، والتعبد: التنسك، والعبودية: الخضوع والذل.
وقوله: (كأنك تراه) بيّن رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الإحسانَ في العبادة على وجهين: