وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ -تَعْنِي شَقَّ الْبَابِ- فَأَتَاهُ رَجُل فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ -وَذَكرَ بُكَاءَهُنَّ-، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ: وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَزَعَمْتُ أَنَّهُ قَالَ: "فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ". . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك في غزوة موتة بضم الميم وبالتائين: موضع قريب الشام، وقصتها مشهورة.
وقوله: (جلس) أي: في المسجد، فيه جواز الجلوس للتعزية ولو في المسجد، ولكن الزيادة على الثلاثة مكروه كما ذكرنا.
وقوله: (من صائر الباب) أي: شقه، والأصل بمعنى الشق الصِّير، وبالعكس: شق الباب، واشتق منه الصائر بمعنى النسبة، أي: ذي صير، إذ الباب ليس فاعلًا للشق.
وقوله: (إن نساء جعفر) خبر (إن) محذوف، أي: فعلن كذا وكذا.
وقوله: (فزعمت) بلفظ الغائبة، وهذا قول عمرة راوية الحديث، والضمير لعائشة، والزعم قد يطلق على القول المحقق، أي: قالت عائشة: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي نسخة صحح بلفظ المتكلم، فيكون قول عائشة، أي: علمت أنه قال: (فاحث) بضم الثاء بصيغة الأمر كـ (ادع)، من (يحثو)، وفي بعض النسخ: (فاحث) بكسر الثاء، من (يحثي) كـ (ارم) يقال: حثى التراب عليه يحثو ويحثيه حثوًا وحثيًا، كذا في (القاموس) (?)، أي: ألق بيديك في أفواههن التراب، مبالغة في منعهن عن البكاء وإكراههن عليه، حيث أَصْرَرْن على البكاء، وكان من غير نياحة، أو حملن النهي على التنزيه، إذ يبعد تمادي الصحابيات بعد تكرر النهي التحريمي، ولذا لم يُطِعْنَه ظنًا منهن أنه كالمحتسب لا رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو غلبة نفوسهن عليهم لحرارة المصيبة، كذا قال في (مجمع