. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وظهر مما ذكرنا من التقرير أن ليس مقصود عائشة أن الحديث واقع في مادة مخصوصة، وأن التعذيب ببكاء الأهل في مادة الكفار، بل المقصود أن تعذيب الميت ليس بسبب بكاء أهله في شيء من المواد أصلًا، بل هو مقارن له في المادة المخصوصة، فافهم.
ثم إن العلماء أولوا الحديث بتأويلات أخر لا يلزم بها التعذيب بفعل الغير، فقيل: إن ذلك إذا كان الميت راضيًا به في حال حياته، وقد أمرهم وأوصاهم به، كما كانوا يفعلونه في الجاهلية، فحينئذ يعذب ببكاء أهله؛ لأن بكاءهم بواسطة فعله، وقيل: ليس المراد تعذيبه ببكائهم بعد الموت، بل المراد بالميت من أشرف على الموت، كما في حديث: (لقنوا موتاكم)، والمراد بالعذاب ما يتأذى به من جزعهم وصراخهم وهو في كرب الموت، فيصير صنيعهم زيادة في كربه، فيقع ذلك منهم موقع التعذيب، وقد روى مسلم (?) عن أنس: أن عمر بن الخطاب لما طُعِنَ عَوَّلَتْ عليه حفصة، فقال: يا حفصة أما سمعتِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: (المعوَّل عليه يُعَّذب؟ ) وعَوَّلَ عليه صهيبٌ، فقال عمر لصهيب مثل ذلك، ويفهم منه ظاهرًا أن المراد بالتعذيب مثل ما ذكرنا، لا التعذيب بعد الموت، فإن ذلك ببكائهم ونوحهم عليه بعد الموت، وضعف الطيبي هذا التأويل لما ورد في بعض الروايات: (أن الميت يعذب ببكاء الحي) (?)، وفي رواية: (يعذب في قبره) (?)، وفي منافاة الرواية الأولى من هذين الروايتين للتأويل المذكور نظر، نعم الرواية الثانية تنافيه، والجواب أن يحمل هذا الحديث على الميت الذي أوصى