فَقَالَ: "قَدْ قُضِي؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَكَوْا، فَقَالَ: "أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا" وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ "أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1304، م: 924].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والعيادة ونحوهما.

وقوله: (قد قضي) بصيغة المجهول، وقد يروى بالمعلوم على طريق الاستفهام، أو قال على ظن الموت، لكن ظاهر حاله كذلك، وهذا اللفظ ربما ينظر إلى المعنى الأول، وما جاء في رواية: (وجده على غشية)، كذا قال التُّورِبِشْتِي (?).

وقوله: (أو يرحم) أي: بهذا إن قال خيرًا، مثل أن يقول: إنا واصلون إليه راجعون، ورضينا بقضاء اللَّه، ومثل ذلك.

وقوله: (وإن الميت ليعذب ببكاء أهله) عليه، أي: مع إطالة اللسان فيما لا يعني.

اعلم أن ابن عمر روى هذا عن أبيه -رضي اللَّه عنه-، وأنكرت عليه عائشة لما سمعت حديثه هذا، وقالت: ذُهِلَ ابن عمر، وفي رواية: رحم اللَّه أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جنازةُ يهودي -وفي رواية: جنازة يهودية- وهم يبكون عليه، فقال: (إنه يعذب وهم يبكون)، فليس المراد أن تعذيبه بسبب بكائهم، بل مقارن له وواقع في تلك الحالة، فالباء في قوله: (ببكاء) للملابسة والمصاحبة، لا للسببية كما فهمه ابن عمر، فردّ عائشة على ابن عمر ليس في عدم صحة الحديث، بل في تأويله وفهم معناه، فإن الحديث صحيح، رواه عمر وابن عمر والمغيرة بن شعبة، ولم يذكر أحدهم حديث اليهودي أو اليهودية، وقد احتجت عليهم عائشة بقوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015