فَأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من كلام البعض (?).
قوله: (فأسند ركبتيه) صريح في أنه جلس بين يديه دون جانبه، وهي جِلسة المتعلم، لكنه بالغ في القرب جريًا على ما كان بينهما من الأنس والودِّ، وليحصل التمكن من الاستماع والإصغاء، فالضمير الأول للرجل والثاني للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما الضميران في قوله: (ووضع كفيه على فخذيه) فقد اختلفوا فيهما؛ أعني في الأولوية، وأما في الجواز فلا كلام، فقال بعضهم: الضميران معًا راجعان إلى جبرئيل -عليه السلام-، وهذا هو المناسب لمجيئه إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتقربه منه وجلوسه إليه على صورة المتعلمين تأدّبًا معه، وقال بعضهم: الضمير الثاني للرسول كما في قوله: (أسند ركبتيه) لأنه أدخل في التثبيت والتمكين، وجبرئيل ليس متعلمًا إلا في الظاهر، وفي الحقيقة هو المعلّم من جهة اللَّه سبحانه، وقد جاء إسناد تعليمه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه في قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] على الأرجح من التفسيرين، ولهذا قال في آخر الحديث: (أتاكم يعلمكم دينكم) تنزيلًا للتذكير مقام التعليم، فيمكن أن يكون في أول المجيء قد أظهر هيئة التعلم والطلب، ولما جلس أظهر صورة التعليم والمشيخة، هذا وقد جاء صريحًا في رواية النسائي (?): (حتى وضع يديه على ركبتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله: (وقال: يا محمد) (?) قد يستشكل بحرمة ندائه باسمه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويجاب بأنه ذلك للصحابة لا للملائكة، والقول بأن هذا قبل النهي عن ذلك لا يخلو عن بعد، فإن