شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (لا يرى) بضم التحتانية على صيغة المجهول في أكثر الروايات، وفي بعضها بفتح النون بصيغة المتكلم المعلوم، والأول أبلغ من الثاني، وفي رواية النسائي (?) عن أبي هريرة وأبي ذر -رضي اللَّه عنهما-: (أحسن الناس وجهًا، وأطيب الناس ريحًا، كأن ثيابه لا يمسها دنس)، وفيه: ندب تنظيف الثياب وتحسين الهيئة بإزالة ما يؤخذ للفطرة، وتطييب الرائحة عند دخول المسجد، وندب ذلك للعلماء والمتعلمين، وندب الثياب البيض لدخول المسجد، بل لكل اجتماع ما عدا العيد إذا كان عنده أرفع منه؛ لأنه يوم زينة وإظهار للنعمة، كذا قال شيخ شيوخنا في الحديث أبن حجر المكي الهيتمي في (شرح الأربعين) (?) للنووي.

وقوله: (ولا يعرفه منا أحد) فيه استغراب حاله بجمعه حالي الحضري والسفري، واستنبط منه الطيبي أنهم ظنوه ملكًا أو جنيًا؛ لأنه لو كان بشرًا لكان إما من المدينة أو غريبًا، ولو كان من المدينة لعرفوه، أو غريبًا لرئي عليه أثر السفر، ويعلم منه أن مجيء جبرئيل في صورة دحية الكلبي كان غالبًا لا دائمًا، وههنا لم يكن في صورته إذ لو كان لعرفوه.

وقوله: (حتى جلس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) قيل: (إلى) لانتهاء الغاية، وهو إنما يكون في فعل ممتد كالسير، والجلوس ليس كذلك، فهي ههنا بمعنى (عند) أو (مع)، انتهى. ويمكن أن يضمن الجلوس معنى الميل والانتهاء؛ أي: مائلًا أو منتهيًا إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما يفهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015