. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الأول: في فضل هذا الحديث وشرفه، اعلم أنه قد تواتر النقل عن الأئمة في مدح هذا الحديث بعظم موقعه وكثرة فوائده، وأنه أصل عظيم من أصول الدين، ومن ثَمَّ خطب به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر كما في رواية البخاري (?)، وخطب به أمير المؤمنين عمر -رضي اللَّه عنه- على منبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما أخرجه البخاري أيضًا، ولهذا قال أبو عبيد: ليس في الأحاديث أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث.

وقال بعضهم: إنه نصف العلم، ووجهه: أن الأعمال قسمان: أعمال القلب وأعمال الجوارح، والنية أجلُّ أعمال القلب وأفضلها، فالعلم المتعلق بها يكون نصفًا بل أعظم النصفين؛ لأن النية أصل لجميع الأعمال القلبية والقالبية، وعليها مدار جميع الطاعات والعبادات صحة وثوابًا، والمعاملات والمباحات ثوابًا كما يأتي تقريره، وبهذه الاعتبارات إن أريدت المبالغة ساغ أن يقال: كأنه العلم كله، والأكثرون منهم الشافعي -فيما نقله البويطي عنه- وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني وأبو داود والدارقطني على أنه ثلث العلم أو ثلث الإسلام.

وقال البيهقي في توجيهه: إن كسب العبد إما بقلبه أو بلسانه أو بأركانه، فالنية التي هي عمل القلب أحدها وأرجحها لأنهما تابعان لها صحةً وفسادًا وثوابًا وحرمانًا، ولا يتطرق إليها رياء، وقد تكون النية عبادة مستقلة، وغيرها يحتاج إليها.

وقال الشيخ في (فتح الباري) (?): وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015