وَإِنِّي إِذَا نسَبْتُ الْحَدِيثَ إِلَيْهِمْ كَأَنِّي أَسْنَدْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأَنّهُمْ قَدْ فَرَغُوا مِنْهُ، وَأَغْنَوْنا عَنْهُ. وَسَرَدْتُ الْكُتُبَ وَالأَبْوَابَ كَمَا سَرَدَهَا، وَاقْتَفَيْتُ أثَرَهُ فِيهَا، وَقَسَّمْتُ كُلَّ بَابٍ غَالِبًا عَلَى فُصُولٍ ثَلَاثَةٍ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والدار صنم، وبه سمي عبد الدار.
وقوله: (وسردت الكتب والأبواب (?)) السرد: الخَرْز في الأديم، ونسج الدرع، والتتابع في الكلام، وفي الصوم كما في حديث: (لم يكن -صلى اللَّه عليه وسلم- يسرد الحديث سردًا) أي: يتتابعه ويستعجل فيه، وحديث: (يسرد الصوم) أي: يواليه ويتتابعه، ويجيء بمعنى جودة سياق الحديث أيضًا، يقال: فلان يسرد الحديث، إذا كان جيد السياق له، والمناسب للمقام إرادة هذا المعنى، يعني: لما رأيت الشيخ سرد الكتب (?) والأبواب واتخذ لها التراجم والعنوانات على الوجه اللائق المناسب اتَّبعته في ذلك من غير تقديم وتأخير وتغيير وتبديل.
واعلم أن من عادة المصنفين أن يتخذوا مبحثا عامًا شاملًا لمباحث كثيرة تحته كالجنس بالنسبة إلى الأنواع التي تحتها الأصناف ويعنونوه بالكتاب، والمباحث التي تحته بالأبواب، والأصناف التي تحت الأنواع بالفصول، ككتاب الطهارة وأبواب الغسل والوضوء والتيمم وفصل غسل الجنابة وغسل الجمعة مثلًا، لكن المصنف جعل الأبواب منحصرة في الفصول ولم يذكر فيها شيئًا سوى ما في الفصول، فتدبر.
وقوله: (واقتفيت أثره فيها) الاقتفاء: الاتباع، والأثر بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما: العلامة، وفي (الصراح) الأثر: نشان با.