وَلِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ كَفِيلَةً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي بَعَثَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) اعلم أن محمدًا عَلَمٌ منقول موضوع في الأصل لمن كثرت خصاله الحميدة، سمي به نبينا بإلهام من اللَّه لجده عبد المطلب بذلك، وقد سماه اللَّه به قبل الخلق بألفي عام على ما ورد عند أبي نعيم (?)، وروى ابن عساكر عن كعبِ الأحبار (?): أن آدم -عليه السلام- رآه مكتوبًا على ساق العرش، وفي السموات، وعلى كل قصر وغرفة في الجنة، وعلى الحور العين، وعلى ورق شجرة طوبى، وسدرة المنتهى، وأطراف الحجب، وبين أعين الملائكة، ولم يسمّ أحد قبله به، لكن لما قرب زمنه ونشر أهل الكتاب نعته -صلى اللَّه عليه وسلم- سمّى قوم أولادهم به رجاء النبوة لهم، واللَّه أعلم حيث يجعل رسالته، وعِدَّتهم خمسة عشر كما بيّنه بعض العلماء.
وإنما قدم (عبده) على (رسوله) لما ورد في الحديث الصحيح (ولكن قولوا: عبده ورسوله) ولأنه أحب أسمائه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اللَّه وأرفعها إليه، ومن ثم وصفه اللَّه تعالى به في أشرف المقامات، فذكره في إنزال القرآن عليه فقال: {مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23]، وقال: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1]، وقال: {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1]، وفي مقام الدعوة إليه في قوله: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19]، وفي مقام الإسراء والوحي إليه في {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]، ومن ثَم لما خُيِّر -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أن يكون نبيًّا ملكًا أو نبيًّا عبدًا اختار الثاني، وسليمان -عليه السلام- سأل الأول، فانظر بُعدَ ما بين المرتبتين.