ز- كتابة البحث وإخراجه:
هذه الخطوة من أهم خطوات الموضوع بل أهمها؛ لأن الباحث ينتقل من الجمع والتصنيف والدارسة، إلى صياغة الموضوع وعرضه. وإخراجه بثوبه الجديد؛ فيعمد الكاتب إلى الفئة الأولى من مجموعاته ويبدأ بتدوين بطاقات كل مجموعة بعناية وانتباه؛ فيسجل ثمرة جهوده وخلاصةآرائه، فيناقش ويرد ويرجح بأسلوب علمي، ومنطق سليم، وكلما انتهى من مجموعة بطاقات انتقل إلى غيرها وهكذا حتى ينتهي من تدوين بحثه. ورائده في ذلك كله الإخلاص والأمانة واتباع الحق، ولا بد من أن تظهر شخصية الباحث من خلال بحثه؛ فلا يكتفي بالجمع والنقل؛ فعليه أن يبدي رأيه في المقام المناسب، ويورد الأدلة والحجج والبراهين في مواضعها، ويُفنِّد الباطل، ولا يسلم بكل ما يقال إلا بعد دراسة وفحص؛ لأن بعض ما ينتهي إليه بعض المؤلفين من نتائج يكون مبنيًا على خطأ أو على استنتاج غير سليم؛ فينتقل هذا الخطأ إلى كل موضوع يبنى عليه.
ويحسن بالباحث التزام أدب البحث باحترام آراء الآخرين وعدم الغض منها، كما يحسن به التواضع وترك الغرور العلمي، وإن أدى بحثه إلى كشف لم يسبق إليه، أو إلى نتائج طيبة تبدد كل شبهة وتطرد كل لبس؛ لأن الغاية من البحث الوصول إلى الحقيقة، وإضافة المزيد من المعارف إلى تراث الإنسانية؛ فالمساهمة في ذلك تجب أن تكون بعيدة عن كل ما يشينها ويشوبها، وهذا أمر مُسلَّم به وقد عُرف لدى الباحثين المسلمين منذ عصور طويلة؛ فحَرِيٌّ بمن سار على نهجهم أن يلتزم أدبهم وحسن أخلاقهم؛ فلا تُخرجه العاطفة عن سلامة المنهج وابتغاء الحق، ومجانبة المنطق والحكمة.