من أسباب القيام لصلاة الفجر والمحافظة عليها: المسارعة إلى النوم أول الليل بعد أن يصلي العشاء وسنته البعدية، ثم الوتر أخذاً بالعزيمة، ويتجنب السمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) رواه البخاري.
له أن يسمر في مذاكرة علم أو محادثة ضيف أو مؤانسة أهل إذا كان عنده من يوقظه للصلاة، أو عرف من عادة نفسه أنه يستيقظ، ولا يسمر إذا غلب على ظنه أنه يضيع الصلاة، بل لا يسهر في قيام الليل سهراً يضر بشهود صلاة الفجر، وفي الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) رواه البخاري.
وعن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غدا إلى السوق، وبيت سليمان بين السوق والمسجد النبوي، فمر على الشفا أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في الصباح).
وهذا تفقد للرعية، ولإخوانه المسلمين، لماذا ما حضر الصلاة؟! وهذا موجود حتى الآن في بعض مناطق نجد، وبالذات في القصيم، فمن غاب من الناس في صلاة الفجر، قالوا له: لماذا لم تأت للصلاة؟ وحققوا في الأمر إلى آخره.
الشاهد: أن على الناس أن يتعاونوا على أداء صلاة الفجر، وأن يتعهد الناس بعضهم بعضاً.
كذلك صلاة الجماعة هي علاج من الانعزال الاجتماعي، أو الخوف من المواقف الاجتماعية، فأفضل علاج لها صلاة الجماعة؛ لأنه يعتقد أن صلاة الجماعة أمر واجب عليه، وغير مستعد بأن يرتكب إثماً فيفرط في صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة، والمسلم مع إخوانه كالجسد الواحد، فالناس عندما يغيب الإنسان بسبب مرض أو سفر أو حصل له أي شيء يفتقدونه ويسألون عنه عندما لا يجدونه في الجماعة، بخلاف ما لو كان الناس منعزلين ولا يتقابلون في المسجد، فإنه يغيب الواحد أو يموت دون أن يحس به أحد! قال لها: (لم أر سليمان في الصبح، فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة كاملة) يعني: عند التعارض بين النافلة والفريضة تقدم الفريضة على النافلة، وهذا من فقه الإنسان أنه لا يشتغل بالنوافل ويضيع الفرائض، فإن من سهر سهراً شديداً وصلى الفجر مرهقاً؛ فإنه يتعرض لمشابهة المنافقين الذين لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى.
كذلك يتجنب الإنسان استقبال الضيوف الذين لا يبالون بتضييع صلاة الفجر، ويؤثمونه بالإفراط في السهر والسمر.
قال الشعبي رحمه الله: من فاتته ركعتي الفجر فليلعن الدخلاء.
والدخلاء هم الضيوف الذين يأتون بعد العشاء، ويسهرون سهراً طويلاً إلى أن يشق ذلك على هذا الإنسان، فبالتالي يتأخر وتفوته ركعتي الفجر.
إن موضوع تنظيم الوقت مهم جداً، فمن ثم لابد للإنسان ألا يجالس إلا من يفيده أو من يستفيد منه، ويترك ما عدا ذلك هو من فضول الزيارات وتضييع الأوقات، ولذلك الإنسان العاقل يجعل محبس الوقت في يديه، ولا يجعل محبس الوقت في أيدي الفوضويين الذين لا يبالون بظروف الناس.
إذاً: على الإنسان ألا يترك نفسه ووقته نهباً لكل طارق؛ لأنه لو فعل ذلك فلن ينجز شيئاً لا في دين ولا في دنيا، لكن ينبغي لكل إنسان أن يكون محبس الوقت في يديه، وهو الذي يتحكم في وقته، ويحدد الشيء المناسب لظروفه، ويفرض على الناس ذلك، ويجبرهم على احترام النظام، بخلاف ما لو عاش في فوضى فإنه تمر عليه السنوات تلو السنوات، وهو لا يتقدم لا في دين ولا في دنيا، وتضيع أوقاته هدراً.