السبب السادس: الذكر والوضوء والصلاة عند الاستيقاظ

من الأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر: أنه أول ما يستيقظ يذكر الله، فيقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره، إلى آخر الأذكار المعروفة.

ثم يقوم فيتوضأ حتى تنحل العقدة الثانية، فإذا صلى ركعتين سواء سنة الفجر أو ركعتين للوضوء انحلت العقدة الثالثة، ويصبح نشيط النفس، فهذا هو الدواء النبوي الذي يحفزك للاستمرار في الطاعة والانتباه، وإن أصغيت إلى الشيطان فسيبول الشيطان في أذنيك كما جاء في الحديث، وتبوء بالإثم والخسران والويل؛ لقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4 - 5].

يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى)، فمن كانت عادته القيام إلى الصلاة فغلبته عيناه فنام فإنه يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقه، أما الذي ينتبه وقت الصلاة ثم يعود للنوم فهذا مفرط.

وألفت النظر لشيء مهم جداً بالنسبة للالتزام بالإيمان، وهو أن الإيمان يزيد وينقص، فمن أراد أن يزيد إيمانه فلا بد أن يأخذ بأسباب الزيادة، لكن لو كان الهدم دائماً أكثر من البناء فإن البناء من جديد صعب، والهدم سهل، كذلك دخول الجنة يحتاج إلى مجاهدة؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، أما دخول النار فهو سهل جداً؛ لأن النار حفت بالشهوات، فهي تجذبه جذباً إلى الأرض، فلا بد من الخروج من جاذبية الأرض بصاروخ قوي حتى يستطيع أن يتحرك وينطلق، فالذي أريد أن ألفت النظر إليه أن الإنسان الذي عنده كمية كبيرة من شعب الإيمان والالتزام سواء من الهدي الظاهر أم الهدي الباطن كقراءة قرآن أو حفظه أو صلاة الجماعة أو حضور مجالس العلم ومدارسة العلم الشرعي أو صلة الرحم أو بر الوالدين أو أي شيء من الأعمال الخيرية؛ فحافظ عليها وإياك أن تتراجع؛ لأن الالتزام بعد التراجع صعب جداً.

يقول تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16]، فالشاهد أن الإنسان إذا حباه الله سبحانه وتعالى كمية كبيرة من شعب الإيمان فهي تجعل إيمانه في ازدياد.

والذي ينتبه وقت الصلاة ثم يعود للنوم حتى يضيع وقتها قد يتمادى في ذلك التفريط حتى يصبح ديدنه وعادته، ولا يأخذ بأسباب الاستيقاظ في صلاة الفجر، فهو متعرض لما ثبت في البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في رؤياه رجلاًَ مستلقياً على قفاه، وآخر قائماً عليه بصخرة يهوي بها على رأسه، فيشدخ رأسه فيتدحرج الحجر، فإذا ذهب ليأخذه لا يرجع إليه حتى يعود رأسه كما كان) يعني: يلتئم من جديد، فيفعل به مثل ما فعل به في المرة الأولى، وقد ذكر له جبريل وميكائيل عليهما السلام ما رآه بأنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة.

قال الإمام ابن العربي رحمه الله: جعلت العقوبة في رأس هذا النائم عن الصلاة؛ لأن النوم موضعه الرأس، فالعقوبة في نفس المحل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015