قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى البردين دخل الجنة) متفق عليه.
قوله: (من صلى البردين) يعني: الصلاتين اللتين تصليان في وقت البرد، وهما: العصر والفجر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر -يا ابن آدم- لا يطلبنك الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم) رواه مسلم، فهذا وعد بالحفظ والرعاية والحماية لمن يصلي الفجر، وهذا وعيد لمن يتعدى عليه أو يؤذيه، ولما كانت صلاتا الفجر والعصر من أفضل الصلوات وأعظم الطاعات ناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا والهبات ألا وهي رؤية الله عز وجل في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق:39]) متفق عليه.
قوله: (أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم) والربط بالفاء هنا مسلك من مسالك التعليم، فيكون المعنى: كيف تدركون فضيلة رؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة؟! وما الضريبة التي تدفع حتى تنالوا هذه الفضيلة؟! إن الضريبة هي المحافظة على صلاتي الفجر والعصر.
قوله: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)؛ لأن هذا يتسبب أن تنالوا ثواب رؤية الله في الآخرة، (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)، وهذا التعبير من النبي صلى الله عليه وسلم فيه نوع من المغالبة والمصارعة والمعالجة مع شيء آخر، فيه صراع بين النوم وبين الاستيقاظ، بين أن يهب الإنسان للصلاة وبين أن يستجيب لنداء الشيطان: (عليك ليل طويل فارقد)، بين الإقدام وبين الإحجام.
قوله: (ألا تغلبوا) يعني: اجتهدوا في الأخذ بالأسباب الكفيلة للاستيقاظ للصلاة.