نريد أن ننبه بالنسبة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر)، وكذلك قوله: (عليك بكثرة السجود لله) أن المقصود بالكثرة هنا النوافل، أما الفرائض فلابد من أدائها كما هي بدون زيادة ولا نقصان، فلا يمكن أن يزيد الإنسان في صلاة الصبح أو غيرها؛ لأن عدد الفرائض ثابت، لكن المقصود بهذا النوافل، والنوافل على نوعين: الأول: تنفل مطلق.
الثاني: تنفل مقيد.
والتنفل المقيد هو السنن الرواتب وغير الرواتب، مثل: راتبة الوتر، أو سنة الفجر ونحو ذلك، فهذه مقيدة مقيد بعدد معين مثل ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، أو أربع ركعات قبلها وأربع بعدها، أو أربع قبلها وركعتين بعدها، أو ركعتين قبلها وأربع بعدها، هذه كلها في صلاة الظهر، وكذلك في العصر أربع قبلها، وكذلك قبل المغرب صلاة ركعتين، وركعتين بعد المغرب، وركعتين سنة العشاء بعدها وهكذا، فهذه نوافل مقيدة بعدد.
أما التنقل المطلق فشرطه أن يؤدى في أوقات غير أوقات النهي عن الصلاة، فممكن للإنسان أن يزيد ما شاء، ويصلي ما فتح الله عليه.
إذاً: المقصود من الاستكثار هو الاستكثار من النوافل بنوعيها، فلا يفهم من الحديث كما يفهمه بعض المبتدعة، أن قوله: (فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر) يعني: له أن أن يخترع صلوات لم تثبت في الشرع؛ لأن المقصود النوافل بنوعيها، لا كما قام أحد المبتدعة واخترع صلاة سماها: صلاة بر الوالدين، والثاني اخترع صلاة مؤنس القبر، فهذه فهذا بدعة وضلالة، ومعلوم ما ورد في البدع والضلالات من الزجر، يقول عليه الصلاة والسلام: (كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) لكن تصلي بما ثبت، أو تتنفل تنفلاً مطلقاً ركعتين ركعتين مثلاً، وتزيد ما شئت من العدد، فهذا مستحب، ولك أن تزيد ما استطعت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يريوه عن ربه تبارك وتعالى:: (ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به) إلى آخر الحديث القدسي.
كان ثابت بن أسلم رحمه الله تعالى يقول: الصلاة خدمة الله في الأرض، ولو كان شيء أفضل منها لما قال الله تبارك وتعالى {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران:39].