نعود إلى المراحل الأولى من التدريب على الصلاة، هناك مناسبة وهي بلوغ الطفل السنة السابعة من العمر بالتقويم الهجري، فهنا يجب على الأب أن يأمره بالصلاة عند سن السابعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين)، وأيضاً يأمرهم بتحصيل شروطها كالطهارة وستر العورة، وهذا سن التدريب المبكر على الصلاة بهوادة وبلطف وبرفق، ومع الاستمرار تكون الصلاة في حياة هذا الطفل جزءاً من كيانه لا يمكن أن ينفصل عنه أبداً، فإذا أحسنا غرس هذا الشعور بأن الصلاة جزء من شخصيته وجزء من هويته ومن كيانه كان هذا أدعى له حينما تجب عليه الصلاة أن يتمسك بها ولا يضيعها.
وتاريخ إتمام سن السابعة لا ينبغي أن يمر مروراً عابراً، ونحن ضد الاحتفال بأعياد الميلاد؛ لأن هذه بدعة ليس لها علاقة بالإسلام، لكن عند بلوغ الطفل سن السابعة فإن هناك مناسبة شرعية جداً، وهو أنه سوف يبدأ الأب بأمر ولده بالصلاة، مع أنها غير واجبة على الطفل، لكن الواجب على الأب أن يأمر ولده بالصلاة، فبالتالي ينبغي أن يسلط الضوء على هذا التاريخ، ويخبر الطفل مقدماً ومسبقاً بأنك بعد ستة أشهر ستبدأ تصلي مثل الكبار، وتشبهه بالكبار؛ لأنه دائماً يتطلع أن يكون من الكبار، وهذا مما يجعل هذا الطفل عندما يكمل السابعة يحافظ على الصلاة باستمرار ويواظب عليها.
إذاً: المطلوب تعميق هذا الحدث الهام؛ لأننا نريد أن يعرف الطفل أنه سيستقبل مرحلة جديدة، فلا بد أن يهيأ إليها مسبقاً، لا على أنها مسئولية ستلقى على كتفه وعبء عليه، لا.
كذلك يسأله ويقول له: أنت كم عمرك الآن؟ فلو قال لك مثلاً: ست سنوات ونصف، فتقول له: ما شاء الله! عندما تبلغ السابعة سوف تصبح رجلاً، فعلينا أن نربط الصلاة للطفل بشيء يأمله ويطمح إليه ويتطلع إليه بلهفة، وليس أننا ننوي أن نمسك له العصا.
إذاً: لا ينبغي أن يمر تاريخ إتمامه سن السابعة مروراً عابراً، بل يعمق هذا الحدث الهام من خلال إعلامه قبلها بأنه مقبل على أمر عظيم، وهو اقتراب موعد أمره بالصلاة، فإذا بلغ السابعة وصلى أول فرض جمع له أبوه بعض أصدقائه وإخوته في حفل صغير ابتهاجاً بهذه المناسبة الطيبة، وكذلك يقوم الأب بشراء منبه له؛ لكي ينبهه لمواعيد الصلاة، أو يحضر له تقويماً لكي يعرف به مواعيد الأذان أو أي نوع من الهدايا المناسبة لمثل هذه المناسبة، أو حلوى يحبها، وكل واحد من أصدقائه يعطيه هدية يسيرة؛ فيحس أن هذه المناسبة مناسبة عظيمة جداً، وليس هذا احتفالاً بعيد الميلاد، لا، وإنما هذا تضخيم للأمر العظيم المهم الذي هو مقبل عليه، وهو بداية التحول إلى أداء الصلاة، ومن المناسب أن يقدم له ساعة يد لكي يضبط نفسه لمواعيد الصلاة ويقول: هذه حتى تذكرني قبل الأذان بخمس دقائق لكي أتوضأ؛ حتى يكون عارفاً بمواقيت الصلاة ومهتماً بالاستعداد لها.
كذلك ينبغي متابعته في مدى انتظامه في الصلاة، وتذكيره بها وتكرار أمره بها دون ملل.
ولو كان الطفل يلعب بلعبة محببة إليه جداً، بأي نوع من أنواع اللعب، وتريد أن تأمره بالصلاة، ففي هذه الحالة لو أبعدته عن اللعب -الذي هو محبب إليه- إلى الصلاة؛ فقد يحس أنه حرم من حاجة كان يفضلها، وربما يعاندك، وهو لا يعاندك لأنه لا يريد أن يصلي، ولكن يعاندك لأنه يتمتع باللعب، فالحل في هذه الحالة أنك قبل ميعاد الصلاة بعشر دقائق مثلاً تقول له: بقي أمامك عشر دقائق حتى يدخل وقت الصلاة، فالعب إلى الأذان، فأنت لم تحرمه من اللعب، ولم تقطعه عن اللعب إلى الصلاة، لكن أعطيته مهلة كي يوطن نفسه أنه بعد ربع ساعة أو عشر دقائق سيؤذن للصلاة، فيتوضأ ويصلي، فنراعي مثل هذه الأمور.
وإذا شغل الأب أو غاب أو سافر لأي سبب من الأسباب، ففي هذه الحالة يوكل من يقوم بمتابعة الطفل وأمره بالصلاة خلال فترة غيابه أو شغله.
روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعودوهم الخير، فإن الخير عادة).
ولا بأس بمكافأته أحياناً لمحافظته على الصلاة، لكن لا يواظب على ذلك، وينوع له الهدية في كل مرة، ولا تكون المكافأة دائماً مادية، فممكن أن تكون المكافأة معنوية بالمدح والثناء عليه والتشجيع له، بحيث لا يتعود على التعامل المادي في العبادة، ويقال: إذا صليت ستأخذ جنيهاً عن كل صلاة، لا، بل اربط صلاته بثواب الله سبحانه وتعالى.
كذلك إذا حصل منه خطأ تقول: أنا كنت سأضربك على هذا الخطأ، لكن ما دام أنك تحافظ على الصلاة فسأعفو عنك هذا المرة، فهذا نوع من المكافأة.