يقول أر تومس لون وهو لم يسلم، لكن كتاباته تنم عن إعجاب شديد جداً بالإسلام كما هو معلوم، يقول: إن دين المسلم يتمثل دائماً في مخيلته، وفي الصلوات اليومية، ويتجلى هذا الدين في طريقة نسكية خاشعة مؤثرة، لا تستطيع أن تترك العابد والمشاهد كليهما غير متأثرين.
يعني: أن مشهد الصلاة يؤثر على المصلي وعلى من يراه، فإنه يتأثر بمنظره.
ويتحدث توماس أرلون أيضاً في كتابه (العقيدة الإسلامية) عن تأثير العبادة، وبشكل خاص تأثير الصلاة في المسلمين وغيرهم فيقول: هذا الفرض المنظم من عبادة الله، هو من أعظم الأمارات المميزة للمسلمين عن غيرهم في حياتهم الدينية، فكثيراً ما لاحظ السائحون وغيرهم في بلاد المشرق ما لكيفية أدائه من التأثير في النفوس، وإليك ما قاله الأسقف لوفر بهذا الخصوص، وهو من كبار قساوستهم، يقول: لا يستطيع أحد يخالط المسلمين لأول مرة، إلا يدهش ويتأثر بمظهر عقيدتهم، فإنك حيثما كنت سواء أوجدت في شارع مطروق، أم في محطة سكة حديدية، أم في حقل، كان أكثر ما تألف عينك مشاهدته أن ترى رجلاً ليس عليه أدنى مسحة للرياء، ولا أقل شائبة من حب الظهور، يذر عمله الذي يشغله كائناً ما كان، وينطلق في سكون وتواضع لأداء صلاته في وقتها المحدد.
ثم يقول: ولننتقل من صلاة الفرد إلى صلاة الجماعة فنقول: إنه لا يتأتى لأحد يرى ولو مرة في حياته، ما يقرب من خمسة عشر ألف مصل في ساحة المسجد الجامع بمدينة دلهي بالهند يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وكلهم مستغرقون في صلاتهم، وقد بدت عليهم أكبر شعائر التعظيم والخشية في كل حركة من حركاتهم.
ثم يقول: إنه لا يتأتى لأحد يرى ذلك المشهد ألا يبلغ تأثره به أعماق قلبه، وألا يلحظ ببصره القوة التي تمتاز بها هذه الطريقة من العبادة عن غيرها.
ثم يقول: كما أن توقيت الأذان اليومي للصلاة في أوقات معينة، حينما يرن به صوت المؤذن في أبكر البكور قبل الإفطار، وعند الظهيرة والناس مضطربون ومصطخبون في أعمالهم وعند المساء، هذا الأذان الذي يحصل في هذه الأوقات على تلك الصورة كل يوم مشحون هو الآخر بذلك الجلال عينه.
فجمال الصلاة وروعة الصلاة لو أدركها أي إنسان عاقل، لانجذب إلى هذه الصلاة، فتباً لهؤلاء الذين يتثاقلون عن أداء الصلاة، سواء في جماعة أو في غير ذلك، لا يريد أن يصلي، وهو لا يعرف أنه يحرم نفسه من هذه المتعة التي لو كانت غير واجبة لتمناها كما تمناها هؤلاء الذين لم يدخلوا في دين الإسلام بمجرد أنهم رأوا ما ينعم به المسلمون في جنة الدنيا وقرة العين التي هي الصلاة.
وقال رينان وهو فيلسوف فرنسي معروف: ما دخلت مسجداً قط دون أن تهزني عاطفة حارة.
أو بعبارة أخرى: دون أن يصيبني أسف محقق على أنني لم أكن مسلماً.