لعوائد سُلْطَانه كَمَا يُقَال فِي الْأَمْثَال الْحكمِيَّة النَّاس على دين مُلُوكهمْ وَأهل الْملك وَالسُّلْطَان إِذا استولوا على الدولة وَالْأَمر فَلَا بُد وَأَن يفزعوا إِلَى عوائد من قبلهم ويأخذوا الْكثير مِنْهَا وَلَا يغفلوا عوائد جيلهم مَعَ ذَلِك فَيَقَع فِي عوائد الدولة بعض الْمُخَالفَة لعوائد الجيل الأول

فَإِذا جَاءَت دولة أُخْرَى من بعدهمْ ومزجت من عوائدهم وعوائدها خَالَفت أَيْضا بعض الشَّيْء وَكَانَت الأولى أَشد مُخَالفَة ثمَّ لَا يزَال التدريج فِي الْمُخَالفَة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى المباينة بِالْجُمْلَةِ

فَمَا دَامَت الْأُمَم والأجيال تتعاقب فِي الْملك وَالسُّلْطَان لَا تزَال الْمُخَالفَة فِي العوائد وَالْأَحْوَال وَاقعَة وَالْقِيَاس والمحاكاة للْإنْسَان طبيعة مَعْرُوفَة وَمن الْغَلَط غير مَأْمُونَة تخرجه مَعَ الذهول والغفلة عَن قَصده وتعوج بِهِ عَن مرامه فَرُبمَا يسمع السَّامع كثيرا من أَخْبَار الماضين وَلَا يتفطن لما وَقع من تغير الْأَحْوَال وانقلابها فيجريها لأوّل وهلة على مَا عرف ويقيسها بِمَا شهد وَقد يكون الْفرق بَينهمَا كثيرا فَيَقَع فِي مهواة من الْغَلَط

الْحجَّاج

فَمن هَذَا الْبَاب مَا يَنْقُلهُ المؤرخون من أَحْوَال الْحجَّاج وَأَن أَبَاهُ كَانَ مَعَ المعلمين مَعَ أَن التَّعْلِيم لهَذَا الْعَهْد من جملَة الصَّنَائِع المعاشية الْبَعِيدَة من اعتزاز أهل العصبية والمعلم مستضعف أهل الْحَرْف والصنائع المعايشة إِلَى نيل الرتب الَّتِي لَيْسُوا لَهَا بِأَهْل ويعدونها من الممكنات لَهُ فتذهب بهم وساوس المطامع وَرُبمَا انْقَطع حبلها من أَيْديهم فسقطوا فِي مهواة الهلكة والتلف وَلَا يعلمُونَ استحالتها فِي حَقهم وَأَنَّهُمْ أهل حرف وصنائع للمعاش وَأَن التَّعْلِيم صدر الْإِسْلَام والدولتين لم يكن كَذَلِك وَلم يكن الْعلم بِالْجُمْلَةِ صناعَة إِنَّمَا كَانَ نقلا لما سمع من الشَّارِع وتعليما لما جهل من الدّين على جِهَة الْبَلَاغ فَكَانَ أهل الانساب والعصبية الَّذين قَامُوا بالملة هم الَّذين يعلمُونَ كتاب الله وَسنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على معنى التَّبْلِيغ الخبري لَا على وَجه التَّعْلِيم الصناعي إِذْ هُوَ كِتَابهمْ الْمنزل على الرَّسُول مِنْهُم وَبِه هداياتهم وَالْإِسْلَام دينهم قَاتلُوا عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015