3 - أنَّ يعقوب بن شيبة مع اعتداله في جرحه للرواة إلاَّ أنَّه قد يتشدد أحياناً في بعض الرواة، كما تشدد في حكمه على أبي بكر النهشلي حيث قال فيه: «صدوق، ضعيف الحديث»، مع أنَّ جميع شيوخ يعقوب على توثيقه إلاَّ ما كان من إشارة ابن سعد المذكورة، وكما تشدد أيضاً في حكمه على عبد السلام بن حرب الملائي حيث قال فيه: «ثقة، وفي حديثه لين، وكان عسراً في الحديث .. »، ونحو هذا الكلام قاله ابن سعد في عبد السلام هذا، وتقدم قول المعلمي: «ما اشتهر أنَّ فلاناً من الأئمة مُسَهِّل، وفلاناً مُشّدِّد، ليس على إطلاقه، فإنَّ منهم من يُسهل تارةً، ويُشدد أُخرى، بحسب أحوال مختلفة، ومعرفةُ هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم، لا تحصل إلاَّ باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام» (?)، وكلام المعلمي هذا يدل عليه واقع النقاد ومنهم يعقوب بن شيبة.
4 - ومما يلاحظ أيضاً أنَّ يعقوب بن شيبة ينقل أقوال النقاد - شيوخه وغيرهم - في الرواة، وتقدم نقله عن عبد الله بن المبارك، ويحيى القطان، والفضل بن موسى، وابن المديني، وابن معين، وابن نُمير وغيرهم من أئمة الجرح والتَّعديل.
6 - ويلاحظ أيضاً أنَّه لا يكتفي أحياناً بذكر الجرح في الراوي؛ بل يذكر فضلَ الرجل وصلاحَه وعبادتَه وزهدَه، وأمرَه بالمعروف ونهيَه عن المنكر، وفقهه، ومعرفته بأخبار الناس وسيرهم، وغير ذلك من الأمور التي يتصف بها الراوي المجروح؛ كما في قوله في أبي بكر بن عياش: «وأبو بكر بن عياش شيخ قديم معروف بالصلاح البارع، وكان له فقه كثير، وعلم بأخبار الناس، ورواية للحديث يعرف له سنه وفضله، وفي حديثه اضطراب»، وقوله في الهيثم بن عدي: «كانت له معرفة بأمور الناس وأخبارهم، ولم يكن في الحديث بالقوي، ولا كانت له به معرفة وبعض الناس يحمل عليه في صدقه»، وغيرهما من الرواة.