وهكذا غالب الأئمة المعتدلين، فإنهم قد يتشددون أحياناً، وأحياناً يتساهلون، وما أحسنَ وأدق كلمةَ المعلميّ التي قال فيها: «ما اشتهر أنَّ فلاناً من الأئمة مُسَهِّل، وفلاناً مُشّدِّد، ليس على إطلاقه، فإنَّ منهم من يُسهل تارةً، ويُشدد أُخرى، بحسب أحوال مختلفة، ومعرفةُ هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم، لا تحصل إلاَّ باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام»، والله أعلم.
خلاصة منهج يعقوب بن شيبة في الجرح
في هذه الخلاصة أذكر أهم ما يلاحظ على كلام يعقوب بن شيبة في الجرح، فمن ذلك:
1 - جمعه في كلامه على الراوي الواحد بين ألفاظ الجرح وألفاظ التعديل في آنٍ واحد، غير أنه يُقَيّد ألفاظ الجرح بالحديث، ويُطلق ألفاظ التعديل، مما يدل على أنَّ التعديل منصبٌ على صلاح الرجل في نفسه ودينه لا في حديثه وضبطه، وتقدم التنبيه على ذلك في التعليق على الألفاظ المركبة.
2 - أنَّ السّمة الغالبة على ألفاظ يعقوب بن شيبة في جرح الرواة سمةُ الخشيةِ والورعِ، وتجنب الألفاظ القاسية والشديدة؛ كالفظة: كذاب، أو وضّاع، أو زنديق، وغير ذلك من الألفاظ التي استعملها بعض شيوخه، كابن معين، وابن نُمير، وابن المديني.