ولعل السبب في بقاء هذه الأحاديث في «المسند» هو أن الإمام أحمد كما يقول الحافظ الذهبي: «كان لا يرى التّصْنيف، وهذا كتاب «المسند» له لم يصنِّفه هو، ولا رتَّبه، ولا اعتنى بتهذيبه، بل كان يرويه لولده نُسخاً وأجزاءاً ويأمره: أنْ ضَعْ هذا في مُسْنَد فلان، وهذا في مسند فلان) [«سير أعلام النبلاء» ج 13/ 522]، ثم زاد الحافظ الجزري (ت 833 هـ) حيث وضح الأمر أكثر فقال: «إن الإمام أحمد شرع في جمع هذا «المسند»، فكتبه في أوراق مفردة، وفرقه في أجزاء منفردة على نحو ما تكون المُسَوَّدة، ثم جاء حلول المنيَّة قبل حصول الأُمنية، فبادر بإسماعه لأولاده وأهل بيته، ومات قبل تنقيحه وتهذيبه، فبقى على حاله، ثم إن ابنه عبد الله الحقَ به ما يشاكِلُه، وضمَّ إليه من مسموعاته ما شابهه ويماثله ... » [«المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد» ص 10]، وأول من سمعه في أهل بيته هو عبد الله [«سير أعلام النبلاء» جـ13/ 523].

ومع ذلك لم يُحرِّر عبد الله ترتيب «المسند» كما يقول الذهبي: «ولا سَهَّله فهو محتاج إلى عمل وترتيب، ... ولم يكن القطيعي- الحافظ أحمد بن جعفر ثقة ت 368هـ- من فرسان الحديث ولا مجوِّداً، بل أدَّى ما تحمَّله، إنْ سَلِم من أوهام في بعض الأسانيد والمتون» [«سير أعلام النبلاء» ج13/ 524].

فعدم تحرير «المسند» من حيث الترتيب والعناية ربما بقيت تلك الأحاديث رغم الضرب عليها - والله أعلم- والأمر يحتاج إلى دراسة مفصلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015