وقد ذكر بعض أهل العلم أن الشرك الأصغر عند السلف أكبر من الكبائر، ويشهد له قول ابن مسعود رضي الله عنه: " لأنْ أحلف بالله كاذبا أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقا".
ومعلوم أن الحلف بالله كذبا هي اليمين الغموس، ومع ذلك رأى أنها أهون من الحلف بغير الله.
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الشرك الأصغر ليس على مرتبة واحدة بل بعضه أعظم إثما، وتحريما من بعض.
فالحلف بغير الله أعظم من قول الرجل: ما شاء الله وشئت، لأنه جاء في حديث الطفيل الذي رواه أحمد وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أول الأمر حتى رأى الطفيل الرؤيا وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم: " فخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن ذلك، وقال: إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أنْ أنهاكم عنها لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ".
وفي رواية "قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد".
والظاهر أيضا: أن قول السلف الشرك الأصغر أكبر من الكبائر يعني مما هو من جنسه كالحلفِ، فالحلفُ بغير الله أكبر من الحلف بالله كذبا كما في أثر ابن مسعود، وجنس الشرك أكبر من جنس الكبائر، ولا يلزم من ذلك أن يكون كلما قيل: إنه شرك أصغر يكون أكبر من كل الكبائر، ففي الكبائر ما جاء فيه من التغليظ، والوعيد الشديد ما لم يأت مثلُه في بعض أنواع الشرك الأصغر، كما تقدم في قول الرجل: ما شاء الله وشئت. والله اعلم.