والغالب على أهل القبور القصد الثاني ـ وهو أنهم يتقربون إلى الميت بذلك ـ، فهم بذلك العمل كفار مشركون؛ لأنهم عبدوا مع الله غيره.
والسلف المتقدمون من أهل القرون المفضلة لم يتكلموا في ذلك؛ لأنه لم يقع، ولم يعرف في عصرهم، لأن القبورية إنما نشأت في القرن الرابع.
وأكثر من أفاض في الكلام على شرك القبور، وبدع القبور، شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، ثم من جاء بعدهم من أهل العلم، وعامة كلامهم يقتضي هذا التفصيل المتقدم فإنهم تارة يصفون هذه الأعمال بالبدعة، وتارة بالشرك. والله أعلم.
الحمد لله، دلت النصوص على أن الشرك فيه أكبر وأصغر، فالأكبر مناف لأصل الإيمان والتوحيد، وموجب للردة عن الإسلام، والخلود في النار، ومحبط لجميع الأعمال، والصحيح أنه هو الذي لا يغفر كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، وأما الشرك الأصغر فهو بخلاف ذلك، فهو ذنب من الذنوب التي دون الشرك الأكبر فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}
وهو أنواع:
شرك يكون بالقلب كيسير الرياء، وهو المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " فسئل عنه فقال: "الرياء ".
ومنه ما هو من قبيل الألفاظ كالحلف بغير الله كما قال صلى الله عليه وسلم: " من حلف بغير الله فقد أشرك ".
ومنه قول الرجل: لولا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، ولولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص كما جاء في الأثر المروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}
ومنه قول الرجل: ما شاء الله وشئت.