تفسير قوله تعالى: (عبس وتولى)

قال تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس:1-2] قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} هذا العابس والمتولي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى: (عبس) أي: كلح في وجهه، أي: استنكر الشيء في وجهه، ومعنى: (تولى) أعرض.

والمراد بالأعمى في قوله: (أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى) هو عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وهو في مكة وكان عنده قوم من عظماء قريش يطمع النبي صلى الله عليه وسلم في إسلامهم، ومعلوم أن العظماء والأشراف إذا أسلموا كان ذلك سبباً في إسلام من خلفهم، وكان طمع النبي صلى الله عليه وسلم فيهم شديداً، فجاء هذا الأعمى يسأل النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أنه كان يقول: علمني مما علمك الله، ويستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، وعبس في وجهه رجاءً وطمعاً في إسلام هؤلاء العظماء، وكأنه خاف أن يزدريه هؤلاء العظماء الشياطين إذا أعطى وجهه لمثل هذا الرجل الأعمى وأعرض عنهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في عبوسه وتوليه يلاحظ هذين الأمرين: الأمر الأول: الرجاء في إسلام هؤلاء العظماء.

والأمر الثاني: ألا يزدروا النبي صلى الله عليه وسلم في كونه يلتفت إلى هذا الرجل الأعمى الذي هو محتقرٌ عندهم.

ولا شك أن هذا اجتهاد من الرسول صلى الله عليه وسلم وليس احتقاراً لـ ابن أم مكتوم؛ لأننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يهمه إلا أن تنتشر دعوة الحق بين عباد الله وأن الناس عنده سواء، بل من كان أشد إقبالاً على الإسلام فهو أحب إليه، هذا ما نعتقده في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015