ثم كيفية الحج؟
صلى الله عليه وسلم الحج أن تحج كما حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأن ذلك من شرط قبول العبادة؛ بل شرط قبول العبادة اثنان: الأول: الإخلاص لله تعالى.
الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول للناس: (خذوا عني مناسككم) فلا بد من الإخلاص لله والمتابعة.
وعليه لو حج الإنسان للمال فقط فحجه مردود، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] ومن ذلك ما يأخذه بعض الناس الآن من النيابة في الحج لو سألته: لماذا أخذت هذه النيابة؟ قال: لأجل الدراهم، هذا ليس له في الآخرة من خلاق، قال شيخ الإسلام رحمه الله: من أخذ ليحج فلا حرج؛ لأنه أخذ المال يستعين به على طاعة، ومن حج ليأخذ فليس له في الآخرة من خلاق.
فانتبه لهذا، لا يحملنك الطمع على أن تأخذ النيابة خمسة آلاف أو أكثر أو أقل لأجل المال، فيحبط عملك ولا تنتفع أنت ولا صاحبك، لا بد من الإخلاص لله عز وجل، أن تنوي بحجك التقرب إلى ربك تبارك وتعالى، ورجاء ثوابه، لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
الثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنقول: حج كما حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكما أمر، وأمامك ثلاثة أنواع من الأنساك: التمتع، والقران، والإفراد، ثلاثة يختلف بعضها عن بعض.
أما التمتع: فأن تحرم بالعمرة في أشهر الحج، أي: بعد دخول شهر شوال، وتحل منها إحلالاً تاماً ثم تحرم بالحج، وفيه هدي للقادر عليه، ومن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
الثاني: القران، تحرم بالحج والعمرة جميعاً من الميقات، وتبقى على إحرامك حتى تحل يوم العيد، وفيه هدي لمن وجد، ومن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
الثالث: الإفراد، وهو أن تحرم بالحج وحده من دون عمرة، وتبقى على إحرامك إلى يوم العيد ولكن لا هدي فيه؛ لأن أصل الهدي في التمتع والقران هو شكر الله عز وجل على ما أنعم به على العبد من تحصيل النسكين في سفر واحد.
ولهذا يجوز للإنسان أن يأكل من هدي التمتع ويهدي ويتصدق، وليس كالدم الواجب لفعل محظور أو ترك واجب؛ لأن هذا لا يأكل منه الإنسان بل يطعمه الفقراء.
وأفضل هذه الأنساك: التمتع، وإن أفرد أو قرن فلا حرج، لكن الأفضل أن يتمتع؛ لأن هذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه في حجة الوداع.
ويأتي إن شاء الله صفة التمتع والقران والإفراد على وجه التفصيل في لقاء قادم، كما يأتي إن شاء الله الكلام على محظورات الإحرام.