الرابع: الاختيار، بأن يكون الإنسان فاعل هذه المفطرات باختياره، وضده الإكراه، فلو أكره الرجل زوجته على الجماع فجامعها وهي صائمة ولا تستطيع أن تتخلص منه فإن صومها صحيح وليس عليها شيء لا في رمضان ولا في غير رمضان، ولكن هل يجوز للزوج أن يفسد صومها أو يجبرها؟ فيه تفصيل: إن كان في رمضان فلا يجوز، ولكن كيف يجوز للزوج أن يطأ وهي لا يجوز أن توطأ؟ صورة ذلك: أن رجلاً مسافراً وكان مفطراً في سفره، ثم قدم البلد وهو على إفطاره فهذا له أن يأكل ويشرب حتى تغيب الشمس؛ لأنه لا يلزمه الإمساك على القول الراجح، حينئذٍ يكون الزوج يحل له الفطر ومنه الجماع، لكن الزوجة صائمة لا يحل له أن يفسد صومها.
كذلك إذا كانت تقضي قضاء رمضان، وقد شرعت في القضاء بإذنه فإنه لا يحل له أن يفسد صومها بالجماع؛ لأنه قد أذن لها.
وكذلك إذا صامت نفلاً بإذنه، فإنه لا يحل له أن يفسد صومها؛ لأنه أذن لها.
ولكن في هذه الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل الأفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب الزوج؟ الثاني أفضل: أن تجيب الزوج؛ لأن إجابتها الزوج من باب المفروضات في الأصل، والصوم تطوع من باب المستحبات، ولأنه ربما لو أبت مع شدة رغبته، ربما يكون في قلبه شيءٌ عليها فتسوء العشرة بسبب ذلك.
كذلك لو بقي من قضاء رمضان من شعبان بقدر الأيام التي عليها وشرعت في الصوم ولو بغير إذنه، فإنه لا يجوز له أن يفسد صومها؛ لأن صومها القضاء قبل دخول رمضان الثاني أمرٌ واجب.
هذا ما يتعلق بالصيام والمفطرات.
أما آداب كثيرة في الصيام والحرص على الطاعة والذكر وقراءة القرآن وغيرها فهذا أمرٌ لا يتسع المقام لذكره.