قال تعالى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور:2-3] الكتاب المسطور في الرَّق، اختلف فيه العلماء، وهذا الخلاف ينبني على كلمة رَق، هل الرَّق كل ما يكتب فيه من جلد وورق وعظم وحجر وغير ذلك؟ أو هو خاص بما يكتب فيه من جلود ونحوها؟ إن قلنا بالأول صار المراد بالكتاب عدة أشياء منها: اللوح المحفوظ، ومنها: الكتب التي بأيدي الملائكة، ومنها: القرآن الكريم، ومنها: التوراة، فيشمل عدة كتب، إذا قلنا: أن الرَّق هو كل ما يكتب فيه.
وإذا قلنا: أن الرَّق هو الورق وشبهه ما يكتب فيه عادة، فاللوح المحفوظ ليس معنا فلا يدخل في هذا، وإنما المراد به إما التوراة وإما القرآن، فالذين قالوا: إنه التوراة رجحوا قولهم: بأنه قرن بـ الطور، وهو الذي كلم منه موسى عليه الصلاة والسلام، فكان الكتاب المسطور هو التوراة الذي جاء به موسى.
ومن قال: إن المراد به القرآن الكريم رجح ذلك بأن الله ذكر الطور الذي أوحي منه إلى موسى والكتاب الذي هو القرآن أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون الله تبارك وتعالى ذكر أشرف الرسالات في بني إسرائيل إيماءً إليها بذكر الطور وذكر أشرف الرسالات التي بعث بها من بني إسماعيل محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيتعين أن يكون المراد بالكتاب المسطور القرآن الكريم.