علينا أن نستقبل هذا العام الجديد بالاجتهاد بالعمل الصالح المقرب إلى الله تبارك وتعالى، إخلاصاً لله، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما طلب العلم فإن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل من الجهاد في سبيل الله عند كثير من العلماء؛ لأن الناس محتاجون إلى العلم أكثر من احتياجهم إلى الجهاد إذ أن الجهاد في معالجة إصلاح الغير، وطلب العلم في إصلاح النفس وإصلاح الغير.
فالجهاد في سبيل الله محتاج إلى العلم، وليس العلم محتاجاً إلى الجهاد في سبيل الله، ولذلك فضل كثير من العلماء المحققين طلب العلم على الجهاد في سبيل الله، وإن كان القول الراجح عندي أن في ذلك تفصيلاً بالنسبة لأعيان الناس: فمن الناس من نقول الجهاد في حقه أفضل، ومن الناس من نقول: إن طلب العلم في حقه أفضل، فإذا وجدنا رجلاً مستعداً للعلم حفظاً وفهماً وجلداً ومتابعة، وهو دون ذلك في الجهاد في سبيل الله، قلنا له: العلم في حقك أفضل، وإذا كان آخر شجاعاً مقداماً نشيطاً قوياً وليس بذاك في الحفظ والفهم قلنا له: الجهاد في حقك أفضل، فالتفضيل في العبادات وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يراعيها: التفضيل في العبادات من حيث هي، والتفضيل في العبادات من حيث الأعيان الذين يقومون بها، هذا يجب أن يعرف الإنسان الفرق، ونحن نقول: التفضيل المطلق هو أن العلم أفضل بلا شك، يعني: طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لكن من حيث الأعيان فيه التفصيل الذي ذكرته لكم، نقول لهذا الشخص: الأفضل أن تبقى في طلب العلم، وللآخر أن تذهب في الجهاد في سبيل الله.