Q الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، سماحة الوالد الكريم الشيخ/ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله ورعاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستأذنكم فنحمد الله تعالى إليكم على نعمه وندعوه تعالى بدوام العافية وقوة العزيمة وأن يزيدكم الله عز وجل من فضله وهداه ويبارك في عمركم وينفع العباد والبلاد بجهودكم وجهادكم، يا شيخنا الجليل! نحمد الله تعالى بأن أعاننا بتوفيقه ورعايته لشد الرحال إليكم من البلد الشقيق الأردن وبلغنا مجلسكم ومنزلكم في هذه البلدة الطيبة، حاملين لكم كما حملناها لنخبة من مشايخنا الأفاضل في هذه المملكة الطيبة عبر شهر رمضان مروراً بـ المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، ثم جدة والرياض أمانة نحمد الله تعالى أن وفقنا بفضله لتبليغها لهم، ثم الحمد له سبحانه أن أعاننا على حط الرحال في منزلكم هذا وفي وقت انعقاد مجلسكم العلمي الأسبوعي المعهود في يوم الخميس، ولقد قدر الله تعالى أن يوافق وقت وصولي إليكم بتسليمكم هذه الأمانة التي أحملها بين يدي الآن موعد انعقاد مجلسكم هذا مع أبنائكم الطلبة، وأرجو وألح في الرجاء يشاركني في ذلك إخوانكم وأبناؤكم في الأردن يا والدنا الفاضل وأبناءه الحضور! أيها الإخوة الأحبة! زادنا الله وإياكم حرصاً على الخير وزودنا جميعاً البر والتقوى إني لأرجو أن استأذنكم وهو رجاء إخوانكم في الأردن الذي حملوني هذه الأمانة أن أقرأها على مسامعكم وهي سؤالان أطرحهما على فضيلة الوالد الكريم.
يا سماحة الوالد! لقد وفق الله تعالى صهر فضيلة والدنا الشيخ الألباني الأستاذ نظام سلام سكجها وهو صاحب المكتبة الإسلامية حيث وجه هذه الدعوة وهذه المذكرة إلى خمسة وخمسين عالماً من علماء المسلمين في الأردن وخارج الأردن وقد خص هذه المملكة بنخبة طيبة من مشايخنا أن يخصوهم كذلك بهذه المذكرة، وأنتم ولله الحمد بعد أن لاقينا في المدينة وفي جدة وفي الرياض نخبة وعلى رأسهم سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز الذين رحبوا وقدموا بعض توجيهاتهم حيث بعون الله سيتم طبع الكتاب بعنوان: نصائح وتوجيهات علماء المسلمين للجماعات والأحزاب الإسلامية في العالم، وهو كتاب نرجو الله تعالى أن يتوج بكلمة ونصيحة وتوجيه منكم وقد أجاب علماؤنا في الرياض على هذه الأسئلة وهذا هو السؤال الأول: قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] ، وقال عز وجل: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38] ، وقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، يا سماحة الوالد! على ضوء هذا الهدي الرباني الجليل وذلك التوجيه النبوي الشريف، وبحكم تجربتكم ومسيرتكم الطويلة في ميدان الدعوة والميدان الإسلامي: هل لنا أن نحظى بتوجيهاتكم واقتراحاتكم كما تفضل إخوانكم علماء المملكة إلى قادة وأفراد الجماعات والأحزاب الإسلامية العاملة في الوطن الإسلامي الكبير، وذلك من أجل ولو ببداية خطوة أولى تبدأ بها على الدرب والمسيرة نحو لم الصدع واجتماع الكلمة وتوحيد الجهود فيما بينها أملاً في العمل الجاد المنظم للغاية الواحدة المرجوة وهي: رضوان الله تعالى ونصرة دينه وإعلاء كلمته، وللوقوف صفاً واحداً أمام المتربصين لهذه الأمة -أمة التوحيد- وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
صلى الله عليه وسلم أما السؤال الأول: فهو الجماعات المتفرقة المتحزبة التي طفحت على سطح الماء في هذه الآونة الأخيرة، بينما كان الشباب قبل سنوات اتجاههم سليم لا يعتقد أحدهم أن الآخر مضاد لله، أو أنه في جانب وهو في جانب، لكن بدأت في الآونة الأخيرة ما نزغ الشيطان بين شبابنا من التحزب والتحمس لطائفة معينة أو لشخص معين، حتى صار الولاء والبراء موقوفاً على من يحب هذا الشخص أو لا يحبه، ولا شك أن هذه وصمة عظيمة ومرض فتاك يذيب الأمة ويمزق شملها ويفرق شبابها، فنصيحتي لأبنائي الشباب وإخواني: أن يدعوا هذا التحزب وأن يدعوا تصنيف الناس وألا يهتموا بالشخص المعين، ويجعلوا الولاء والبراء موقوفاً على الموالاة أو البراءة منه، وأن يأخذوا بالحق أينما كان ويدعوا الباطل أينما كان، ومن أخطأ من العلماء فخطؤه على نفسه، ومن أصاب فإصابته لنفسه ولغيره.
ولا يجوز إطلاقاً أن نعتقد أن أحداً معصوماً من الخطأ في دين الله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بالنا نمتحن الناس الآن ونقول: ما تقول في كذا؟ ما تقول في الرجل الفلاني؟ ما تقول في الطائفة الفلانية؟ أكان الرسول عليه الصلاة والسلام يمتحن الناس بهذا؟ أم كان الصحابة يمتحنون الناس بهذا؟ إن هذا من شأن الشعب الضالة التي تريد أن تفرق الناس حتى لا يكون جبلاً راسياً أمام التحديات التي نسمعها كل يوم ونشاهدها في الصحف والمجلات ممن يحاربون هذا الدين وأهل الدين.
إذا تفرق الشباب الذي يقول: إنه يعتني بالإسلام ويغار للإسلام، إذا تفرقوا فمن الذي يجادل عن الإسلام ومن الذي يحاج هؤلاء المبطلين؟ أقول: أيها الشباب! ألم تعلموا أن هذا التفرق قرة عين الملحدين من العلمانيين وغيرهم؛ لأنهم يقولون: كفينا بغيرنا، لو أن أحداً من هؤلاء الملحدين، بل لو أن أمة من هؤلاء الملحدين أرادوا أن يفرقوا شباب الإسلام هذا التفريق وهذا التمزيق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً لو خلصت النية وصلح العمل، أما الآن فالشباب في وضع يؤسف له، لهذا أنا أناشدهم الله عز وجل أن يكفوا عن هذا التحزب، وأن يكونوا أمة واحدة، قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92] وألا يهتم الإنسان بالتحزب لفلان أو لفلان، أو للطائفة الفلانية أو الطائفة الفلانية فلينظر طريقه وليشق طريقه إلى الله، وهذه التحزبات وهذه المجادلات لا شك أنها تصد الإنسان عن دين الله، لو فتشت عن قلوب هؤلاء الذين يغالون في بعض الأشخاص، ويعتقدون فيهم العصمة، وإذا وقع الخطأ منهم قالوا: لعلهم رجعوا عن هذا الخطأ؛ لأن الأخطاء التي تقع من بعض الناس إن كانت تحتمل التأويل أولوها على المعنى الصحيح، وإن كانت لا تحتمل قالوا: رجع عنه، وهذا غلط، ما عليهم من هذا الرجل الذي أخطأ خطؤه على نفسه، والله هو الذي يحاسبه.
على الإنسان أن ينظر طريقه إلى الله عز وجل كيف يعبد الله؟ وكيف يصل إلى دار كرامته؟ وليس له شأن في الناس.
هذا باعتبار السؤال الأول.
أرى أنه يجب أن يتحد الهدف ويتحد العمل وألا يكون همنا التعصب لحزب أو طائفة أو شخص، ليكن همنا الوصول إلى شريعة الله عز وجل وأن نتحد عليها ونتفق عليها.
هذه واحدة.