قال تعالى: {رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً} [البينة:2] (البينة) : كل شيء يبين به الحق فإنه يسمى بينة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (البينة على المدعي واليمين على المنكر) فكل ما بان به الحق فهو بينة، ويكون في كل شيء بحسبه، فما هي البينة التي ذكرها الله هنا؟ البينة قال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة:2-3] وهذا الرسول هو النبي محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي صلوات الله وسلامه عليه، وجاء بصيغة نكرة (رسول) تعظيماً له؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جديرٌ بأن يعظم التعظيم اللائق به دون نقص ولا غلو.
{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} [البينة:2] أي: أن الله أرسله إلى العالمين بشيراً ونذيراً، قال الله تبارك وتعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} [النساء:79] ، وقال الله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان:1] فهو محمد عليه الصلاة والسلام، مرسل من عند الله بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام؛ لأن جبريل هو رسول رب العالمين إلى رسله موكل بالوحي ينزل به على من يشاء الله من عباده إذاً: من المراد بالرسول؟ محمد.
من أرسله؟ الله؛ لقوله: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً} من هو الواسطة بين الرسول وبين الله؟ جبريل؛ لأن جبريل موكل بالوحي ينزل به على من يشاء من عباد الله.
{يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً} يعني: يقرأ لنفسه وللناس (صحفاً) جمع صحيفة وهي الورقة، أو اللوح، أو ما أشبه ذلك مما يكتب به، (مطهرة) أي: منقاة من الشرك، ومن رذائل الأخلاق، ومن كل ما يسوء؛ لأنها نزيهة مقدسة.