Q فضيلة الشيخ: أرجو أن تتكلم عن المفطرات في نهار رمضان ولو على وجه العموم؟
صلى الله عليه وسلم مفطرات الصائم في رمضان وفي غير رمضان، ذكر الله في القرآن ثلاثة منها في قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة:187] هذه ثلاثة: الجماع، والأكل، والشرب.
وظاهر الآية الكريمة أنه لا فرق بين أن يكون الأكل والشرب نافعاً أو غير نافع أو ضار؛ لأن المأكول والمشروب إما نافع أو ضار أو ليس نافعاً ولا ضاراً، وكلها مفطرة، فلو بلع الإنسان خرزة سبحة فإنه يفطر بهذا ولو كانت لا تنفعه، ولو شرب دخاناً فإنه يفطر ولو كان ضاراً، ولو أكل تمرة فإنه يفطر ولو كانت نافعة.
وكذلك يقال في الشرب.
وجاءت السنة بالقيء، فإذا تقيأ الإنسان فإنه يفطر، فإن غلبه القيء فإنه لا يفطر.
وجاءت السنة بالحجامة، فإذا احتجم الإنسان وهو صائم وخرج منه دم فإنه يفطر هذه خمسة من المفطرات.
وألحق العلماء بهذا ما كان بمعنى الأكل والشرب مثل الإبر المغذية، وليست المغذية هي التي ينشط بها الجسم أو يبرأ بها، وإنما الإبر المغذية: هي التي تغني عن الأكل والشرب، وعلى هذا فجميع الإبر التي لا تغني عن الأكل والشرب لا تفطر، سواء كانت من الوريد أو من الفخذ أو من أي مكان.
كذلك أيضاً إنزال المني بشهوة يفطر بها الصائم، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) والمني من الشهوة -لا شك- لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: أو يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: نعم.
أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ فكذلك لو وضعها في الحلال كان له أجر) والذي يوضع هو المني، يضعه الرجل في رحم المرأة؛ ولهذا عدل صلى الله عليه وسلم إلى قوله: (أرأيتم لو وضعها) لما قالوا: (أو يأتي أحدنا شهوته) وعلى هذا فنزول المني بشهوة مفطرٌ للصائم، وأما تقبيل المرأة ولو بشهوة، أو المذي ولو عمداً؛ فإنه لا يفطر الصائم، لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والأصل أن الصوم صحيح حتى يثبت بطريقٍ شرعي أنه فاسد، ولهذا لو قال لنا قائل: هذا الشيء يفطر به الصائم.
نقول له: هات الدليل؟ وإلا لكان كل واحد لا يروق له الشيء يقول: هذا مفطر، وهذا غير مفطر.
هذه المفطرات التي ذكرناها عامة للرجل والمرأة.
أما خروج دم الحيض والنفاس فهذا خاص بالمرأة، إذا خرج منها الحيض ولو قبل الغروب بدقيقة فإنها تفطر، وكذلك دم النفاس، وأما إذا خرج دم الحيض بعد الغروب ولو بلحظة فإنها لا تفطر.
وهذه المفطرات لا تفطر إلا بشروط ثلاثة: الشرط الأول: العلم.
والشرط الثاني: الذكر.
والشرط الثالث: الاختيار.
الأول: العلم: وضد العلم الجهل، فلو أكل الإنسان وهو يظن أن الفجر لم يطلع، ثم تبين أنه طالع فصيامه صحيح؛ لأنه لم يعلم أن الفجر قد طلع، ولو كانت السماء غيماً وغلب على ظنه أن الشمس غربت وأكل وشرب، ثم تبين أنها لم تغرب فصيامه صحيح؛ لأنه ليس بعالم أنها لم تغرب.
الثاني: الذكر كذلك إذا كان ناسياً فإنه لا يفطر، والنسيان ضد الذكر، فلو أكل أو شرب ناسياً فصومه صحيح، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) .
الثالث: أن يكون مريداً -يعني: لما فعل- فإن كان مكرهاً، كما لو أكره الرجل زوجته على الجماع، وجامعها وهي صائمة؛ فإن صومها صحيح.
السائل: ما حكم البخور؟ الشيخ: ما يفطر البخور، لكن لا تستنشقه.