Q في بعض المدارس وفي نهاية الطابور الصباحي في المدارس يقوم الطلاب بترديد ما يسمى بالنشيد الوطني، فما رأيكم في هذا؟ الشيخ: ما هو النشيد الوطني؟ السائل: والله لا أحفظه؛ لستُ أدري إذا كان أحد الإخوان يحفظه! لكنَّه هو قولُهم:
سارعي للمجدِ والعلياءِ مَجِدِّي لخالق السماءِ
الشيخ: سارعي! يخاطب مَن؟! امرأة؟! أم أنه يخاطب نفسه؟! السائل: وطنَه.
مداخلة: العَلَم.
الشيخ: إذا كان العَلَم فيقال: سارعْ، أليس العَلَم مذكَّراً؟! مداخلة: إذاً: الراية.
الشيخ: الراية! السائل:
سارعي للمجدِ والعلياءِ مَجِدِّي لخالق السماءِ
وارفعي الخفَّاقَ أخضرْ يحمل النور المسطَّرْ
ردِّدي: الله أكبر
يا موطني
عاش الملك للعَلَم والوطن
الشيخ: على كل حال أرى أن الذي يجب أن يُسأل عنها هم الذين بيدهم إلغاؤه أو إبقاؤه، وهذه قاعدة أحب أن يتنبَّه لها من يُستفتَى، يأتي مثلاً بعض الناس ممن هم تحت إدارة معينة، ويكون في هذه الإدارة بعض التجاوزات، وبعض المنكرات، فيأتي أحد الإخوة يسأل عنها، ربما يجيب المجيب بحسن نية، فيتخذ السائل من هذا الجواب سُلَّماً للمنازعة مع المسئولين والتشويش عليهم، ولا يحصل المقصود؛ لأن المسئولين إذا جاءهم الأمر من أسفل قد لا يخضعون ولا يستجيبون، ويزيدون في ما هم عليه؛ لكن يجب أن تُعالَج هذه الأمور من فوق، فيُنْظَر: أولاً: هل العَلَم وهو جماد يُخاطَب بمثل هذا الخطاب أم لا؟! هذه واحدة.
ثانياً: عندما يقال:
عاش الملك للعَلَم والوطن
ما معنى هذه الكلمة؟! عاش المليك، لا بأس، ندعو له بالعيش الحميد، والحياة الطيبة، وأن يسدد الله خُطاه، وأن يدله على الخير، هذا لا بأس، ندعو له بذلك.
لكن العبارة الثانية:..
للعَلَم والوطن ما معنى للعَلَم والوطن؟! هل المعنى: عاش للعَلَم، وعاش للوطن؟! أم أن المعنى: أنني أقول ذلك تعظيماً للعَلَم وللوطن؟! ما ندري! والحقيقة أن الذي ينبغي هو أن نوجه شبابنا إلى التحمُّس للدين، لا للوطن؛ لأن التحمُّس للوطن، أو للقومية، أو ما أشبه ذلك لا ينبغي مع وجود التحمُّس لدين الله عز وجل، ولهذا ترك الصحابة أوطانهم بعد الفتوحات الإسلامية، وذهبوا يسكنون الكوفة، والبصرة، والشام، ومصر؛ لأن وطن المسلم هو ما يستقيم به دينُه.
فكوننا نربي الأجيال على الدفاع عن الوطن وما أشبه ذلك دون أن نشعرهم بأننا نحمي وطننا وندافع عن وطننا من أجل ديننا؛ لأن وطننا -والحمد لله- وأعني بذلك المملكة العربية السعودية هو من خير أوطان المسلمين إقامة لدين الله، فإذا كان الإنسان يريد بالوطنية أي: أن وطننا هو أحسن الأوطان في الوقت الحاضر بالنسبة لإقامة الدين، فأنا أدافع عن وطني؛ لأنه الوطن الإسلامي الذي يطبق من أحكام الشريعة ما لا يطبقه غيره، وإن كان عندنا خلل كثير، فهذا لا بأس، أما مجرد الوطنية فهذه دعوة فاشلة.
وكما تعلمون أن الدعوة إلى القومية العربية إبَّان رؤساء سبقوا وهلكوا وهلكت دعوتُهم صارت لها ضجة كبيرة، ودعوة عظيمة؛ ولكن فشلت إلى أبعد الحدود، حتى العرب أنفسهم الآن ليسوا على قلب واحد؛ هم متفككون، ولا أَدَلَّ على ذلك من أن اليهود الذين هم عدوٌّ للجميع صار كل واحد منهم يصالحهم على انفراد، ولا يعبأ بالآخرين، وتفككت القومية العربية.
ثم إن الدعوة إلى القومية العربية أخرجت ملايين المسلمين من الانطواء تحت لواء الإسلام أو الأمة الإسلامية على الأصح، وأدخلت في القومية العربية مَن هم أعداءٌ للإسلام من نصارى وغيرهم.
لهذا أنا أحث الموجِّهين الذين يوجهون الشباب إلى أن يحمِّسوهم للدعوة إلى الإسلام، وتشجيعه، والأخذ بتعاليمه، حتى تعود الأمة الإسلامية إلى ما كانت عليه من قبل، فتعتز بإسلاميتها، وتعتز بما عندها من شريعة الله عز وجل، ولا يمكن أن يُعِزَّ اللهُ قوماً بشيء ثم يتركوا هذا الشيء ليعتزوا بغيره أبداً، كما يُرْوَى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: [إننا قوم أعزنا الله بالإسلام] يعني: أننا إذا تركنا الإسلام ذهبت العزة، وهذه حقيقة، فالعرب العرباء الذين هم عربٌ أقحاح هم الذين كانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفيما قبله من زمن الجاهلية، ومع ذلك ما انتصروا على غيرهم من الفرس والروم إلا بالإسلام.