للشيخ محمود غريب
مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية
شاع بين المسلمين أن الحكم الذي ثبت بدليل من القرآن يكون فرضاً لأنه ثبت بأقوى دليل وهو القرآن.
ويعتقد أن ما ثبت بدليل من السنة فهو نافلة. فهل هذا الحكم دائماً؟
لقد عرفنا في المقال السابق أن الإشهاد على الطلاق جاء في القرآن في سورة الطلاق
" وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله " فالإشهاد على الطلاق جاء أمراً قرآنياً ومع ذلك اختلف الأئمة حسب تعدّد معاني الأمر في القرآن. فمنهم من جعل الأمر (للإرشاد). واعتبر الطلاق يقع مع عدم الإشهاد عليه وهو أبو حنيفة - رضي الله عنه. ومنهم من جعل الإشهاد ضرورة عندما يريد أن يعيدها بعد الطلاق الرجعي، وهو الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وعلماء الشيعة يوجبون الإشهاد على الطلاق والرجعة - رضي الله عنهم فعندهم لا يقع الطلاق إلا بشهود.
أن الأمر في القرآن يصل عند بعض العلماء إلى ستة عشر معنى، وفي هذا المقال سنرى بعض
(النوافل) ثبتت بالقرآن. كما سنرى بعض الفرائض قد ثبتت بالسنة " ومن الليل فتجهّد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً " سورة الإسراء 79 فهذه نافلة ثبتت بالقرآن
والآية الأخيرة من سورة المزمل 20 وتتكلّم عن صلاة الليل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته " إنّ ربّك يعلم أنك تقويم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك " فهذه (نوافل) ثبتت بالقرآن الكريم.
وفي سورة الحج يأمر الله - سبحانه من يؤدي مناسك الحج أن يذكر اسم الله على الذبيحة " فاذكروا اسم الله عليها صوافّ " والذكر عند الذبح فريضة. وفي الآية نفسها أمر قرآني آخر وهو الأكل منها مع القانع والمعتد " والبُدن جعلنا لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوافّ فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتد كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون " سورة الحج 36