جاءت كلمة (الحق) بمعاني كثيرة في القرآن يمكن أن يقال عن كلّ واحدة من هذه المعاني (ليس بعد الحق إلاّ الضلال) والآية نفسها جاء في أوّلها
(فذالكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنىّ تصرفون)
(إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً) البقرة 119
(ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق) البقرة 176
(وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدى لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربّنا بالحق) الأعراف 43 هذه نماذج للحق الذي ليس بعده إلا الضلال.
وقد جمعت سورة (الحج) بعض صفات (الحق) التي ليس بعدها إلا الضلال
(ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير. وأن الساعة آتيه لا ريب فيها. وأن الله يبعث من في القبور) الحج 7
هذه بعض آيات الحق الذي ليس بعده إلا الضلال. أمّا أن يتحدّث بعض العلماء عن شيء يحتمل الوجه والوجه الآخر ممّا اجتهد فيه الأئمة ثم يقول: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) فهذا خطأ في فهم الإسلام. فالنصوص الإسلامية حاملة لعديد من المعاني، وكلها حقّ.
ويعلم كلّ دراسي لهذا الموضوع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرّ الاجتهادين في مسائل الفروع في فهم قوله - صلى الله عليه وسلم (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) فصلت طائفة العصر إيماناً واحتساباً وواصلت طائفة السير إيماناً واحتساباً. وأحد الصحابة أصابته الجناية.
فاجتهد فتيمم وصلّى، فلمّا وجد الماء اغتسل وأعاد الصلاة، واغتسل آخر ولم يُعد الصلاة. فأقرهما النبي - صلى الله عليه وسلم وقد كتبت فصلاً كاملاً في مثل هذا في كتابي (شريعة الله يا ولدى) وبينت الأسباب العمليّة لاختلاف الأئمة.
من هذه الأسباب طبيعة اللغة العربية كاختلاف معاني كلمة (قرْء) التي تقال للحيض وللطهر على الحقيقة اللغوية، ممّا سبّب اختلاف الأئمة في تحديد مدّة العدة عند المطلقة.