ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك فقال عبد الله: ولا حول ولا قوة إلا بك فقال كعب: جاء بها عبد الله والذي نفسي بيده: إنها لرأس التوكل وكنز العبد في الجنة ولا يقولهن عبد عند ذلك ثم يمضي ألا لم يضره شيء قال عبد الله: أرأيت إن لم يمض وقعد؟ قال: طعم قلبه طعم الإشراك.

وفي مراسيل أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة فإذا أحس بذلك فليقل: أنا عبد الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله لا يأتي بالحسنات إلا الله ولا يذهب السيئات إلا الله أشهد أن الله على كل شيء قدير ثم يمضي لوجهه".

وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر مرفوعا: " من رجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك وكفارة ذلك أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك" وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عروة بن عامر القرشي قال: ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أحسنها الفال ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك" وخرجه أبو القاسم البغوي وعنده: "ولا تضر مسلما" وفي صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طيرة والطيرة على من تطير" وقال النخعي قال عبد الله بن مسعود: لا تضر الطيرة إلا من تطير.

ومعنى هذا أن من تطير تطيرا منهيا عنه وهو أن يعتمد على ما يسمعه أو يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريد من حاجته فإنه قد يصيبه ما يكرهه فأما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الإلتفات إلى هذه الأسباب المخوفة وقال ما أمر به من هذه الكلمات ومضى فإنه لا يضره ذلك.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع نعق الغراب قال: "اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك" ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب العذاب السماوية المخوفة كالكسوف بأعمال البر من الصلاة والدعاء والصدقة والعتق حتى يكشف ذلك عن الناس وهذا كله مما يدل على أن الأسباب المكروهة إذا وجدت فإن المشروع الإشتغال بما يوحي به دفع العذاب المخوف منها من أعمال الطاعات والدعاء وتحقيق التوكل على الله والثقة به فإن هذه الأسباب كلها مقتضيات لا موجبات ولها موانع تمنعها فأعمال البر والتقوى والدعاء والتوكل من أعظم ما يستدفع به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015