ألا هل سمعتم ضجيج الحجيج ... على ساحة الخيف والعيس تحدا
فذكر المشاعر والمروتين ... وذكر الصفا يطرد الهم طردا
أرواح القبول تفوح من المقبولين وأنوار الوصول تلوح على الواصلين:
تفوح أرواح نجد من ثيابهم ... عند القدوم لقرب العهد بالدار
"أهفو إلى الركب تعلو لي ركائبهم ... من الحمى في إسحاق واطمار
يا راكبان قفا لي واقضيا وطرى ... وحدثاني عن نجد بأخبار
ما يؤهل للإكثار من التردد إلى تلك الآثار إلا محب مختار.
حج علي بن الموفق ستين حجة قال: فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر أفكر في حالي وكثرة تردادي إلى ذلك المكان ولا أدري هل قبل مني حجي أم رد ثم نمت فرأيت في منامي قائلا يقول لي: هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب قال: فاستيقظت وقد سري عني ما كل من حج قبل ولا كل من صلى وصل قيل لابن عمر ما أكثر الحاج؟ قال: ما أقلهم وقال: الركب كبير والحاج قليل حج بعض المتقدمين فتوفي في الطريق في رجوعه فدفنه أصحابه ونسوا الفأس في قبره فنبشوه ليأخذوا الفأس فإذا عنقه ويداه قد جمعت في حلقة الفأس فردوا عليه التراب ثم رجعوا إلى أهله فسألوهم عن حاله؟ فقالوا صحب رجلا فأخذ ماله فكان يحج منه:
إذا حججت بمال أصله سحت ... فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة ... ما كل من حج بيت الله مبرور
من حجه مبرور قليل ولكن قد يوهب المسيء للمحسن وقد روي: أن الله تعالى "يقول عشية عرفة: قد وهبت مسيئكم لمحسنكم" حج بعض المتقدمين فنام ليلة فرأى ملكين نزلا من السماء فقال أحدهما للأخر فكم حج العام؟ قال: ستمائة ألف فقال له: كم قبل منهم؟ قال: ستة قال: فاستيقظ الرجل وهو قلق مما رأى فرأى في الليلة الثانية كأنهما نزلا وأعادا القول وقال أحدهما: إن الله وهب لكل واحد من الستة مائة ألف كان بعض السلف يقول في دعائه: اللهم إن لم تقبلني فهبني لمن شئت من خلقك من رد عليه عمله ولم يقبل منه فقد يعوض ما يعوض المصاب فيرحم بذلك.
قال بعض السلف في دعائه بعرفة: اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي.