...
وظائف شهر رمضان المعظم
وفيه مجالس:
المجلس الأول في فضل الصيام
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا الذي أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" وفي رواية: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي" وفي رواية للبخاري: "لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا الذي أجزي به" وخرجه الإمام أحمد من هذا الوجه ولفظه: "كل عمل ابن آدم له كفارة إلا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به".
فعلى الرواية الأولى: يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة فتكون العمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد فإن الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر.
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم نصف الصبر" خرجه الترمذي.
والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على أقدار الله المؤلمة. وتجتمع الثلاثة في الصوم فإن فيه صبرا على طاعة الله وصبرا عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبرا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن وهذا الألم الناشىء من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120] وفي حديث سلمان المرفوع الذي أخرجه ابن خزيمة في