كم ينادي حي على الفلاح وأنت خاسر كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.

إذا رمضان أتى مقبلا ... فاقبل فبالخير يستقبل

لعلك تخطئه قابلا ... وتأتي بعذر فلا يقبل

كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومؤمل غدا لا يدركه إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.

خطب عمر بن عبد العزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها: إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم جنة عرضها السموات والأرض ألا ترون إنكم في أسلاب الهالكين وسيرتها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين وفي كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب غنيا عما خلف فقيرا إلى ما أسلف فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته وإني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي ولكن أستغفر الله وأتوب إليه ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات رحمة الله عليه.

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ... حتى عصى ربه في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهما ... فلا تصيره أيضا شهر عصيان

واتل القرآن وسبح فيه مجتهدا ... فإنه شهر تسبيح وقرآن

فاحمل على جسد ترجو النجاة له ... فسوف تضرم أجساد بنيران

كم كنت تعرف ممن صام في سلف ... من بين أهل وجيران وإخوان

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم ... حيا فما أقرب القاصي من الداني

ومعجب بثياب العيد يقطعها ... فأصبحت في غد أثواب أكفان

حتى يعمر الإنسان مسكنه ... مصير مسكنه قبر لإنسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015