أما قول ربنا جل وعلا: ((اللَّهُ)) فهذا علم على ربنا تبارك وتعالى، لم يسم ولن يسمى أحد به غيره سبحانه، قال ربنا تبارك وتعالى في سورة مريم: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا * رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:64 - 65]، أي: ليس له سمي جل وعلا.
قوله تعالى: ((اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)) هذه (لا) نافية للجنس، ومعنى الآية: لا إله معبود بحق إلا الله؛ لأن الآلهة التي تعبد غير الله كثيرة في الأرض، كما قال الله على لسان القرشيين: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص:5] لكن لا معبود بحق إلا الله.
وقوله سبحانه: ((الْحَيُّ)): هو اسم من أسماء الله جل وعلا الحسنى، وحياة ربنا تبارك وتعالى صفة ذاتية لازمة له، وهو حي حياة لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال.
وأما قول ربنا جل وعلا: ((الْقَيُّومُ)) فإنه تبارك وتعالى كل أحد غيره مفتقر إليه، وهو جل وعلا قائم على كل نفس، وهو تبارك وتعالى استغنى بحمده عن كل أحد، وافتقر كل أحد إليه جل وعلا.
ثم قال الله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255]، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور -أو النار- لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
وقوله: {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [البقرة:255] هذه اللام لام الملكية المطلقة، والله جل وعلا جعل الملك صورياً وحقيقياً، فالملك الحقيقي له وحده تبارك وتعالى دون من سواه، أما ما نملكه اليوم مما ملكنا الله جل وعلا إياه من أمر عظيم أو حقير، فلابد أن ينزع منا أو ننزع منه، فيرد الخلائق على ربهم في ساحة العرض الأكبر، وليس معهم شيء، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (حفاة عراة غرلاً بهماً)، ومعنى: بهماً أي: غير ممولين أو ليس معهم شيء، وقد ذكر الله ذلك في قوله جل وعلا: {وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19]، وفي قوله تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا} [الفرقان:25].
الملك الحقيقي لله وحده، قال سبحانه: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان:26]، فالذي أفادته اللام هنا هو أن الملك المطلق له تبارك وتعالى، فالخلق كلهم عبيد مقهورون له.
ثم قال تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [البقرة:255]، وذكرت (ما) وإن كانت لغير العاقل من باب التغليب؛ لأن غير العقلاء أكثر من العقلاء في المخلوقات.