التقدير من كوامن المكر «1» من حيث لا يرتقب، فلا الشيطان يفى «2» بما يعده، ولا النفس شيئا مما تتمنّاه تجده، وكما قال القائل:
أحسنت ظنّك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتى به القدر
وسالمتك الليالى فاغتررت بها ... وعند صفو الليالى يحدث الكدر
قوله جل ذكره:
إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)
إن أصحاب الغفلة وأرباب الغرّة إذا هبّت رياح صولتهم فى زمان غفلتهم يلاحظون أهل الحقيقة بعين الاستحقار، ويحكمون عليهم بضعف الحال، وينسبونهم إلى الضلال، ويعدونهم من جملة الجهّال، وذلك فى زمان الفترة ومدة مهلة أهل الغيبة.
والذين لهم قوة اليقين ونور البصيرة ساكنون تحت جريان الحكم، يرون الغائبات عن الحواس بعيون البصيرة من وراء ستر رقيق فلا الطوارق تهزمهم، ولا هواجم «3» الوقت تستفزهم «4» ، وعن قريب يلوح علم اليسر، وتنجلى سحائب العسر، ويمحق الله كيد الكائدين.
قوله جل ذكره:
[سورة الأنفال (8) : آية 50]
وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (50)
يسلّيهم «5» عند ما يقاسون من اختبارات التقدير بما يذكّرهم زوال المحنة، ووشك روح