تتبيّن له حقيقة الوارد، فيثبت لكونه رابط الجأش، ساكن القلب، صافى اللّب..
وهذا نعت الأكابر.
قوله جل ذكره:
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)
الموافقة بين المسلمين أصل الدّين. وأول الفساد ورأس الزّلل الاختلاف. وكما تجب الموافقة فى الدين والعقيدة تجب الموافقة فى الرأى والعزيمة «1» .
قال تعالى فى صفة الكفّار: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» ، وإنما تتحد عزائم المسلمين لأنهم كلّهم يجمعهم التبرّى من حولهم وقوّتّهم، ويتمحضون فى رجوعهم إلى الله، وشهودهم التقدير، فيتحدون فى هذه الحالة الواحدة.
وأمّا الذين توهّموا الحادثات من أنفسهم فضلّوا فى ساحات حسبانهم، وأجروا الأمور على ما يسنح لرأيهم، فكلّ يبنى على ما يقع له ويختار، فإذا تنازعوا تشعّبت بهم الآراء، وافترقت بهم الطرق، فيضعفون، وتختلف طرقهم. وكما تجب فى الدين طاعة رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- تجب طاعة أولى الأمر، ولهذا يجب فى كل وقت نصب إمام للمسلمين، ثم لا تجوز مخالفته، قال النبي- صلّى الله عليه وسلّم-: «أطيعوه ولو كان عبدا مجدعا» «2» وكان الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- إذا بعث سريّة أمّر «3» عليهم أميرا وقال: «عليكم بالسواد الأعظم» .
وإجماع المسلمين حجة، وصلاة الجماعة سنّة مؤكّدة، والاتّباع محمود والابتداع ضلالة.
قوله «وَاصْبِرُوا» الصبر حبس النّفس على الشيء، والمأمور به من الصبر ما يكون على خلاف هواك.