ويقال الحق يجود على الأولياء- إذا توكلوا- بتيسير السبب من حيث يحتسب ولا يحتسب، ويجود على الأصفياء بسقوط الأرب ... وإذا لم يكن الأرب فمتى يكون الطلب؟

ويقال التوكل فى الأسباب الدنيوية إلى حدّ، فأمّا التوكل على الله فى إصلاحه- سبحانه- أمور آخرة العبد فهذا أشدّ غموضا، وأكثر خفاء. فالواجب فى الأسباب الدنيوية أن يكون الشكون عن طلبها غالبا، والحركة تكون ضرورة أفأمّا فى أمور الآخرة وما يتعلّق بالطاعة فالواجب البدار والجدّ والانكماش، والخروج عن أوطان الكسل والجنوح إلى الفشل.

والذي يتّصف بالتواني فى العبادات، ويتباطؤ فى تلافى ما ضيّعه من إرضاء الخصوم والقيام بحقّ الواجبات، ثم يعتقد فى نفسه أنه متوكّل على الله وأنه- سبحانه- يعفو عنه فهو متّهم معلول الحال، ممكور مستدرج، بل يجب أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه.

ثم بعد ذلك لا يعتمد على طاعته، ولا يستند إلى سكونه وحركته، ويتبرّأ بسرّه من حوله وقوّته. ثم يكون حسن الظنّ بربّه، ومع حسن ظنه بربه لا ينبغى أن يخلو من مخافته، اللهم إلا أن يغلب على قلبهما يشغله فى الحال من كشوفات الحقائق عن الفكرة فى العواقب فإن ذلك- إذا حصل- فالوقت غالب، وهو أحد ما قيل فى معانى قولهم: الوقت سيف «1» قوله جل ذكره:

[سورة الفرقان (25) : آية 59]

الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (59)

انتظم به الكون- والعرش من جملة الكون- ولم يتجمّل الحقّ- سبحانه- بشىء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015