لما حضرت المهلب بن أبي صفرة رحمه الله الوفاة، قال لولده وأهله: أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم: فإن تقوى الله تعقب الجنّة؛ وإن صلة الرّحم تنسىء الأجل، وتثري المال، وتجمع الشمل، وتكثر العدد وتعمر الديار، وتعز الجانب.
وأنهاكم عن معصية الله تعالى، فإن معصية الله تعقب النار؛ وإن قطيعة الرحم تورث الذلة والقلة، وتقل العدد، وتفرّق الجمع، وتذر الديار بلاقع، وتذهب المال، وتطمع العدو، وتبدي العورة.
يا بنيّ، قومك قومك: إنه ليس لكم فضل عليهم، بل هم أفضل منكم، إذ فضلوكم وسودوكم، أوطؤا أعقابكم، وبلغوا حاجتكم فيما أردتم وأعانوكم؛ فإن طلبوا فأطلبوهم، وإن سألوا فأعطوهم، وإن لم يسلوا فابتدئوهم، وإن شتموا فاحتملوهم، وإن غشوا أبوابكم فلتفتح لهم ولا تغلق دونهم.
يا بني، إني أحب للرجل منكم أن يكون لفعله الفضل على لسانه، وأكره للرجل منكم أن يكون للسانه الفضل على فعله.
يا بني، اتقوا الجواب، وزلة اللسان: فإني وجدت الرجل تعثر قدمه فيقوم من زلته وينتعش منها سوياً، ويزل لسانه فيوبقه ويكون فيه هلكته.
يا بني، إذا غدا عليكم رجل وراح فكفى بذلك مسألة وتذكرة بنفسه.
يا بني، ثيابكم على غيركم أجمل منها عليكم، ودوابكم تحت غيركم أجمل منها تحتكم.
يا بني، أحبوا المعروف، وأنكروا المنكر واجتنبوه؛ وآثروا الجود على البخل؛ واصطنعوا العرب وأكرموهم، فإن العربي تعده العدة فيموت دونك،