[وقال حكيم:] «1» أحسن الناس من رفع نفسه فوق حقها عند التعدي، ووضعها عن منزلتها «2» عند الرغبة إليه، واعتقاد المنن، وجميل المكافأة على السوالف المحمودة «3» .
غلبة التنعم تعودك إيثار الراحة والمماطلة بالأمور، وتكره إليك ركوب المشقة في مصلحة عواقب أمرك. وهو يشبه الحكيم الحسن المنظر السّيّئ العبارة «4» .
[وقال:] «5» الأماني أحلام المستيقظ. وليس تروح عن قلوب المحرومين في زمان إلا أعقبتهم حسرة في أضعافهم «6» .
ليس القناعة أن تترك كثير الرزق لقليل ما يتحصل لك منه، وهذا بالعجز أشبه منه بالقناعة. وإنما القناعة إيثار القليل مع حرية النفس وترك ركوبها الأخطار واحتمال الذلة.
[وقال:] «7» احذر مؤاخاة من يجعلك أكثر باله «8» ، ويؤثر أن لا يخفى عليه شيء من أمرك، فانه يتعبك ويأسرك. ولكن صديقك بمنزلة الغضن من الشجرة: ينجذب معك وفي يدك، فإذا خليته رجع إلى موضعه من الصلة وحسن المحافظة، ولم يناقشك المودة ويجعل ذلك سبباً إلى القطيعة.
غيره «9» الأصدقاء والغلمان أضر من غيرة النساء، لأنها مشوبة بفظاظة وغلظة، فاحترس من دباباتها «10» ، وتنكب من غلبت عليه.