وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه انه قال: سرّك أسيرك، فاذا تكلمت به صرت أسيره «1» .
وقال بعض الأدباء: من كتم سره كان الخيار إليه، ومن أفشى سرّه كان الخيار عليه.
وقال بعض البلغاء: ما أسرّك، ما كتمت سرّك! وقال آخر: ما لم «2» تغيّبه الأضالع، فهو مكشوفٌ ضائع «3» .
وقيل لعديّ بن حاتم رحمه الله: أيّ شيء أوضع للرجال؟ قال: كثرة الكلام، وإضاعة السرّ، والثقة بكل أحدٍ «4» .
وقال المهلّب بن أبي صفرة رحمه الله: لم أر صدور الرجال تضيق عن شيء ما تضيق عن حمل سرهم.
وخرج عمر «5» بن الضبيعة الرّقاشي مع ابن الأشعث، فقتل فيمن قتل، وأتي الحجاج برأسه، فوضع بين يديه، فقال الحجاج: ربّ سرٍّ قد وضعت في هذا الرأس فلم يخرج منه حتى وضع بين يديّ.
وقال أنو شروان: من حصَّن سرَّه فله بتحصينه خصلتان: الظفر بحاجته، والسلامة من السَّطوات. وإظهار الرجل سرّ غيره أقبح من إظهار سرِّ نفسه، لأنه يبوء بإحدى وصمتين: إما بالخيانة إن كان «6» مؤتمنا، أو النميمة متبرّعا «7» .