إذا أناهبت الموت في حرمة الوَغَى ... فَلاَ وَجَدَتْ نَفْسِي مِنْ المَوتِ مَوْئِلاَ
وَإِنِّي إِذا نَازَلتُ كَبْشَ كَتِيبَةٍ ... فَلسْتُ أُبَالِي أَيُّنَا مَاتَ أَوَّلاَ
قلت وبالله التوفيق: قد أوردت في كتابي المترجم بكتاب (بالاعتبار) عجائب ما باشرته وحضرته وشهدته من الحروب والمصافَّات والوقائع، منذ كنت ابن خمسة عشر سنةً إلى أن تجاوزت التِّسعين، وما نالني فيها من الجراح والمكاره، وأنا القائل:
أَلُومُ الرَّدَى كَمْ خُضْتُهُ مُتَعَرِّضاً ... لَهُ، وَهْوَ عَنِّيْ معرض متجنّب؟!
وكم أخذت منّي السّيوف مآخذال ... حِمَامِ وَلكِنَّ القضاءَ مُغَيَّبُ؟!
إِلى أن تَجاوزتُ الثَّمَانينَ وَانْقَضَتْ ... بُلَهْنِيَةُ العَيشِ الذِي فِيهِ يُرْغَبُ «1»
فمكروه ما تخشى النُّفُوسُ مِنَ الرَّدى ... أَلَذُّ وأَحْلَى مِنْ حَيَاتِي وَأطيَبُ
وذكرت ما شاهدته من إقدام الرجال، وعجائب تصرُّف الآجال، فغنيت بما أوردته هناك عن الإطالة هاهنا، واقتصرت على ما أوردته.