ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال بِهِ كرِيمَ المَأْكَلِ
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما وصف لي أعرابيّ «1» قط فأحببت أن أراه إلاّ عنترة» «2» .
وهذا البيت من قطعة شعرٍ لعنترة، كان سببها- فيما رواه أبو عمرٍ والشيباني «3» -: أن بني عبسٍ أغارت على بني تميم، وعليهم قيس بن زهيرٍ، فانهزمت بنو عبس، وطلبتهم بنو تميم، ووقف لهم عنترة، ولحقتهم كتيبةٌ «4» من الخيل، فحامى عنترة عن بني عبسٍ، فلم يصب منهم مدبرٌ «5» ، فساء ذلك قيس بن زهير، وشقَّ عليه صنيع عنترة. فقال حين رجع: والله ما حمى الناس إلاّ ابن السَّوداء، فبلغ ذلك عنترة، وكان قيسٌ أكولاً، فقال عنترة يعرِّض به ويجيبه عن ذكر أمِّه «6» :
بَكَرَتْ تُخَوِّفُني الحتُوفَ كَأَنّني ... أَصْبَحْتُ عَنْ غَرَضِ الحتوف بمعزل «7»
فأجبتها: إنّ المنية منهل ... لا بدّ أَنْ أُسْقَى بِكَأْسِ المَنْهَلِ
فاقَنِي حَيَاءَكِ- لاَ أَبَالَكِ- وَاعْلَمي ... أَنِّي امْرُؤٌ سَأَمُوتُ إِنْ لَمْ أُقْتلِ «8»
إِنَّ المَنِيَّةَ لَوْ تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ ... مِثْلي إذَا نَزَلُوا بِضَنْكِ المَنْزِلِ
وَأَنَا امْرُؤٌ مِنْ خَيْرِ عَبْسٍ مَنْصِباً ... شَطْرِي، وَأَحْمِي سَائِرِي بِالمُنْصُلِ «9»