روي: أن عبد الله بن عباس أتى الحسن والحسين رضوان الله عليهم فقال: إن أخي وأخاكما «1» قد أسرع في ماله إسراعاً قد خفت على نفاده، وله صبيةٌ قد خفت أن يدعهم عالةً، وقد عاتبته في ذلك مراراً، ولا أراه يقلع ولا ينزع، وأرجو أن يكون لكما مطيعاً، وإن قولكما عنده مقبولٌ، فلو عاتبتماه؟ فقالا: نفعل، فصارا إليه، فلما دخلا وجداه يطعم الناس، وإذا جزرٌ تنحر. فقال أحدهما لصاحبه: هذا بعض ما شكاه عبد الله. ثم صارا إليه، فاستقبلهما وأسهل لهما عن فراشه «2» ، ولقيهما بالإجلال والإعظام.
وقالا: أتيناك في حاجةٍ. فقال: الحوائج بعد الغداء، قالا: فهاته، قال: ما كنت لأغدّيكما بنحيرة «3» لغيركما. فاحتبسهما حتى نحر لهما، فلما طعما وفرغا سألهما عن حاجتهما؟ فقالا: إن أخانا وأخاك عبد الله أتانا فسألنا معاتبتك على إسرافك في مالك، وقد رأينا بعض ما شكا، ولك بنون، ولسنا نأمن عليهم الضيعة بعدك. فقال: ما لقولكما عندي مردٌّ، ولا لي عما تأمراني به مدفع، لكنّي أخبركما بقصّتي، وأردّ الأمر إليكما، فما أمرتماني به أتيته، وما نهيتماني عنه وقفت عنده. فقالا: هات. فقال: إن الله تبارك وتعالى عودني عادة جميلة، فعودتها عباده، ولست آمن إن قطعت عادتي عن عباده أن يقطع عادته عني.
فقالا: لا نأمرك في هذا بشيءٍ. وقاما فانصرفا حامدين لأمره «4» .