جمعة، والناس بين راكع وساجد من بعد صلاة الظهر، إذ مثل بين يدي غلام أعرابي حسن الوجه حدث السن في أطمار خلقةٍ، كالقضيب الذابل، يقلب في فكية لساناً أبين من الصبح، وأحلى من الشهد، فكان في بعض ما سمعته منه:

«أيها الناس، إن الفقر أقامني لديكم مقام المذنب إليكم، وقد انغلق علي فيه باب الشكر، فافتحوا لي باب العذر، رحمكم الله، فلقد أحسن الذي يقول:

كأن فقيراً حين يغدو «1» لحاجةٍ ... إلى كل من يلقى من الناس مذنب

والله إني لأنفر من منن اللئام نفور الوحش من زئير الأسد، وإنما قصدت هذا الملك السيد، الذي زينته أفعاله، وشرفته أحواله، فنفّرني بوّابه وتنكّرلي حجابه، فخرجت في يومي هذا الى عامتكم ملتمساً منكم رجلاً عربياً تقياً نقياً هبرزياً «2» يكون سبباً لي إليه» .

قال حسين الخادم: وكان إلى جانبي يزيد بن حلوان القناني «3» ، فقال:

يا أبا خالد ما أرى هذا الأعرابي قصد غيرك، ولا أراد سواك، فصدق ظنّه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015